ولا من فعل ناقص ، نحو : «صار و» كان عند الجمهور ، فلا يقال : أصير ولا أكون ، وأجازه ابن الأنباريّ ، والرضيّ قال : ولعلّ علّة المنع كون مدلول الناقص الزمان دون الحدث ، كما توهّم بعضهم ، وأفعل موضوع للتفضيل في الحدث ، والحقّ أنّها دالّة على الحدث أيضا فلا منع ، وإن لم يسمع أن يقال هو أكون مطلقا ، وهو أصير منك غنيّا ، أي أشدّ انتقالا إلى الغني ، انتهى.
ولا من فعل غير متصرّف ، قال في التصريح : وعدم التّصرّف على وجهين : أحدهما أن يكون بخروج الفعل عن طريقة الأفعال من الدالّة على الحدث والزمان كنعم وبئس ، والثاني : يكون لمجرّد الاستغناء عن تصرّفه بتصرّف غيره ، وإن كان باقيا على أصله من الدالّة على الحدث والزمان ك يذر ويدع ، حيث استغني عن ماضيهما بماضي يترك ، وكلا القسمين مراد هنا ، فلا يبنى من نحو : «نعم و» بئس ويذر ويدع ، لا يقال : زيد أنعم من عمرو ، ولا أبئس منه ، وهما باقيان على معناهما من إنشاء المدح والذّمّ ، ولا هو أوذر من بكر ، وأودع منه.
ولا من غير قابل للتفاضل نحو : «مات و» فني ، لأنّه لا مزيد فيه لبعض فاعليه على بعض ، حتى يفضل ، لا يقال : زيد أموت من عمرو ، ولا أفني منه.
«ولا من» مصوغ منه أفعل لغير التفضيل نحو : «عور» من العيوب الظاهرة ، «وخضر» من الألوان ، «وحمق» من العيوب الباطنة ، ولمي وشهل من الحلي «لمجئيء أعور» من عور «وأخضر» من خضر «وأحمق» من حمق ، وألمى وأشهل من لمي وشهل. «لغيره» أي لغير التفضيل ، فلو بنى منه أفعل التفضيل أيضا لالتبس.
قال بعضهم : وهذا التعليل أنّما يتمّ إذا بيّن أنّ أفعل الصفة مقدّم بناؤه على أفعل التفضيل ، وهو كذلك ، لأنّ ما يدلّ على ثبوت مطلق الصفة مقدّم بالطبع على ما يدلّ على زيادة على الآخر في الصفة ، والأولى موافقة الوضع الطبع. قيل : إنّما لم يبن من ذلك ، لأنّ حقّ أفعل التفضيل أن يبنى من الثلاثيّ المحض كما تقدّم ، وأكثر أفعال الألوان والخلق إنّما تجئ على أفعل بتسكين الفاء وبزيادة مثل اللام ، نحو : أخضر فلم يبن أفعل التفضيل في الغالب ممّا كان منها ثلاثيّا إجراء للأقلّ مجرى الأكثر ، وقيل : لأنّ الألوان والعيوب جرت مجرى الخلق الثابتة الّتي لا تزيد ولا تنقص كاليد والرجل في عدم التفضيل منها.
وأجاز الكوفيّون بناءه من البياض والسواد اللذين هما أصلا الألوان ، وقيل : وقد يبنى من فعل أفعل مفهم عسر أو جهل ، نحو : هو ألدّ منه وأحمق منه ، وأكثر المغاربة