وأجابوا عن نحو كيما أن تعزّ بأنّ أن زائدة ، أو بدل عن كي وعن كي لتقتضيني بزيادة اللام كما في ردف لكم ، وذهب الأخفش إلى أنّ كي جارّة دائما ، وأنّ النصب بعدها بأن ظاهرة أو مقدّرة ، ويردّه نحو : (لِكَيْلا تَأْسَوْا) [الحديد / ٢٣] ، فإن زعم أنّ كي تاكيد لللام كقوله [من الوافر] :
٦٨٧ ـ ... |
|
ولا للمابهم أبدا دواء (١) |
وردّ بأن الفصيح المقيس لا يخرج عن الشاذّ.
تنبيه : أثبت الكوفيّون من حروف النصب كما بمعنى كيما ، ووافقهم المبرّد ، واستدلّوا بقوله [من الطويل] :
٦٨٨ ـ وطرفك إمّا جئتنا فاصرفنّه |
|
كما حسبوا أنّ الهوي حيث تنظر (٢) |
وأنكر ذلك البصريّون ، وتأوّلوا ما ورد على أنّ الأصل كيما ، حذفت ياؤه ضرورة ، أو الكاف الجارّة كفّت بما ، وحذفت النون من الفعل ضرورة ، قاله في الهمع.
والثالث أن ، ويقال فيما : عن ، بإبدال الهمزة عينا ، و «هي حرف مصدريّ» نسبه إلى المصدر ، لأنّه يؤوّل مع صلته به كما تقدّم ، نحو : (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) [البقرة / ١٨٤] ، وهي أمّ الباب. قال أبو حيّان : بدليل الاتّفاق عليها والاختلاف في لن وإذن وكي ، وعن الخليل أن لا ناصب سواها ، وبعضهم يهملها حملا على ما المصدريّة كقراءة ابن محيصن : (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) [البقرة / ٢٣٣] ، برفع يتمّ وكقوله [من البسيط] :
٦٨٩ ـ أن تقران على أسماء ويحكما |
|
منّي السّلام وأن لا تشعرا أحدا (٣) |
قال ابن الحاجب : وذلك كما أعملت ما المصدريّة حملا عليها فيما روي عنه (ع) : كما تكونوا يولى عليكم (٤). قال ابن هشام : والمعروف في الرواية كما تكونون. وقال أبو حيّان : لا يحفظ أن غير ناصية إلا في القراءة المذكورة وفي البيت المذكور ، وما هذا سبيله لا تبنى عليه قاعدة.
وصرّح بشذوذه ابن مالك في الكافية ، حيث قال [من الرجز] :
٦٩٠ ـ وشذّ رفع بعد أن حيث استحقّ |
|
نصبا بها فاعرف شذوذه وثق |
__________________
(١) صدره «فلا والله لا يلفي لما بي» ، وهو لمسلم بن معبد الوالبي.
(٢) هو لعمر ابن أبي ربيعة. اللغة : الطرف : العين.
(٣) البيت مجهول القائل.
(٤) نهج الفصاحة ص ٤٦٢ رقم ٢١٨٢.