مصدريّة ناصبة بمترلة أن معنى وعملا ، وتعليليّة جارّة بمترلة لام التعليل معنى وعملا ، والنصب بعدها بأن مضمرة غير جائزة الإظهار.
قال ابن مالك في شرح الكافية. والّذي أحوج إلى القول بذلك قول العرب في السؤال عن العلّة كيمه؟ كما يقولون : لمه؟ فسوّوا بينهما وبين اللام في المعنى ، فثبت بذلك أنّها حرف جرّ مرادف لللام ، وثبت بدخول اللام عليها ، نحو : قوله تعالى : (لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ) [الأحزاب / ٣٧] ، إنّها مصدريّة ، لأنّ حرف الجرّ لا يدخل على حرف الجرّ ، إلا أن يكون مصدريّا ، فيلزم من ذلك جعل كي على قسمين ، انتهى.
ويتعيّن المصدريّة إن سبقتها اللام كما في الآية ، والتعليلية إن تأخّرت عنها اللام أو أن كقوله [من المديد] :
٦٨٤ ـ كي لتقضيني رقيّة ما |
|
وعدتني غير مختلس (١) |
والثاني كقوله [من الطويل] :
٦٨٥ ـ فقالت أكلّ الناس أصبحت مانحا |
|
لسانك كيما أن تغرّ وتخدعا (٢) |
ويجوز الأمران في نحو : (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً) [الحشر / ٧] ، فإن قدّرت قبلها اللام فهي مصدريّة ، وإلا فهي تعليليّة.
والأوّل أولى لكثرة ظهور اللام معها ، نحو : (لِكَيْلا تَأْسَوْا) [الحديد / ٢٣] ، وفي نحو قوله [من الطويل] :
٦٨٦ ـ أردت لكيما أن تطير بقربتي |
|
فتتركها شنّا ببيداء بلقع (٣) |
فكي هنا تحتمل أن تكون مصدريّة لدخول اللام عليها ، وتحتمل أن تكون تعليليّة لتأخّر أن بعدها ، فإن كانت مصدريّة كانت أن مؤكّدة لها لمعنى السبك ، وإن كانت تعليليّة فاللام مؤكّدة لمعنى التعليل ، وكونها تعليليّة أولى ، لأنّ توكيد الجارّ بالجارّ أسهل من توكيد الحرف المصدريّ بمثله. قاله ابن هشام في حواشي التسهيل : وأجاب الكوفيّون عن كيمه بأنّ الفعل المنصوب بكي مقدّر ، والأصل كي تفعل ما ذا ، ويلزمهم كثرة الحذف وإخراج ما الاستفهاميّة عن المصدر ، وحذف ألفها في غير الجرّ ، وحذف الفعل المنصوب مع بقاء عامل النصب ، وكلّ ذلك لم يثبت ، قاله في المغني ، وفي عدم ثبوت إخراج ما ذا عن المصدر بحث تقدّم الكلام عليه.
__________________
(١) هو لعبد الله بن قيس الرقيّات. اللغة : لتقتضني : من القضاء : الأداء ، رقيه : اسم محبوته ، ما : زائدة ، المختلس : مصدر ميمي ، بمعنى المختلف.
(٢) هو لجميل بثينة.
(٣) لم يعين قائله ، اللغة : الشن : القربه الخلق ، البيداء : الفلاة الّتي يبيد (يهلك) من يدخلها ، البلقع ، القفر.