فلمّا عرف الدار أنشأ يقول [من المنسرح] :
٦٨١ ـ لن يخب الآن من رجائك من |
|
حرك من دون بابك الحلقة |
أنت جواد وأنت معتبر |
|
أبوك من كان قاتل الفسقة |
لولا الّذي كان في أوائلكم |
|
كانت علينا الجحيم منطبقة (١) |
فسمعه الحسين (ع) : وهو يصلّي ، فأوجز في صلاته ، ثمّ خرج ، فإذا هو بأعرابي في أسمال (٢) ، فقال : رويد يا أعرابيّ ، ثمّ نادي يا قنبر ، ما معك من النفقة؟ فقال : ألف درهم ، قال : فأت بها ، فقد جاء من هو أحقّ بها منّا ، ثمّ أخذها من قنبر ، فصيّرها في إحدى بردتين كانتا عليه ، ثمّ دفعها للأعرابي من داخل الباب ، وقال [من المنسرح] :
٦٨٢ ـ خذها فإني إليك معتذر |
|
وأعلم بأنّي عليك ذو شفقة |
لو كان في سيرنا الغداة عصي |
|
كانت سمانا عليك مندفقة |
لكنّ ريب الزمان ذو غير |
|
والكفّ منا قليلة النفقة |
فأخذها الأعرابيّ وقال [من البسيط] :
٦٨٣ ـ مطهّرون نقيات ثيابهم |
|
تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا |
فأنتم أنتم الأعلون إنّ لكم |
|
أمّ الكتاب وما جاءت به السور |
من لم يكن علويّا حين تنسبه |
|
فلن يكون له في الناس مفتخر |
قال البطليوسيّ : وجزم الأعرابيّ بلن. وذكر اللحيانيّ أنّ ذلك لغة العرب ، يجزمون بالنواصب ، وينصبون بالجوازم. وسكن اللغويّون لام الحلقة ، وفتحها الأعرابيّ. قال ابن الجنيّ يقال : حلقة حديد وحلقة من الناس بالسكون ، والجمع حلق بفتح اللام ، وحكي عن يونس حلقة ، وحلق بفتح اللام فيها ، وقال أبو عمرو الشيباني : ليس في كلامهم حلقة بفتح اللام إلا في جمع حالق.
والثاني : «كي» ، وجاء بها بعد لن لمشاركتها لها في العمل من غير شرط ، نحو : أسلمت كي أدخل الجنّة ، ومعناها السببيّة أي سببيّة ما قبلها لما بعدها ، وحينئذ المراد السببيّة الخارجيّة ، بأن يكون تحقّق ما قبلها في الخارج سببا لما بعدها ، أو المعنى سببيّة ما بعدها لما قبلها ، بمعنى أنّ ما بعدها باعتبار تصوّره سبب لما قبلها ، أو المعنى سببيّة كلّ من ما قبلها وما بعدها للآخر ، إلا أنّ سببيّة ما قبلها بحسب الخارج ، وسببيّة ما بعدها بحسب الذهن ، ويقال لها ، التعليليّة ، والقول بأنّها هي الناصبة دائما ، كما اختاره المصنّف تبعا لابن حاجب هو مذهب الكوفيّين. وجمهور البصريّين على أنّ كي قسمين :
__________________
(١) تقدّم البيت الأوّل من هذه الأبيات برقم ٦٨٠.
(٢) الأسمال : جمع السمل ، وثوب سمل : خلق بال.