الاستفهام عليهما. وكلّ منها حرف يختصّ بالمضارع ، ويجزمه ، وينفي معناه ، ويقلب زمانه إلى المضي وفاقا للمبرّد ، وأكثر المتأخرين ، وهو ظاهر مذهب سيبويه.
وذهب قوم منهم الجزوليّ إلى أنّه يدخل على لفظ الماضي فيقلبه إلى المضارع ، ونسبه بعضهم إلى سيبويه ، ووجّهوه بأنّ المحافظة على المعنى أولى من المحافظة على اللفظ ، قال المراديّ في الجني الدانيّ : والأوّل هو الصحيح ، لأنّ له نظيرا ، وهو المضارع الواقع بعد لولا ، والقول الثاني لا نظير له.
«وتختصّ لم بمصاحبه أداة الشرط ، نحو : إن لم تقم أقم» بخلاف لمّا ، فلا تصاحبها ، فلا يجوز : إن لما تقم. قال الرضيّ : كأنّه لكونها فاصلة قويّة بين العامل الحرفي أو شبهه ومعموله ، انتهى.
ويريد بشبه الحرف أسماء الشرط كمن ، تقول : من لم يكرمني أهنه ، ولا تقول : من لمّا يكرمني. قال الدمامينيّ : وهذا تصريح منه بأنّ حرف الشرط هو العامل للجزم في المضارع المقترن بحرف النفي مثل : إن لم تقم. وليس كذلك ، انتهى.
وعلّل ذلك غير الرضيّ بأنّ الشرطية يليه مثبت لم ، تقول : إن قام زيد قام عمرو. ولا يليه مثبت لمّا ، لا تقول : إن قد قام زيد ، فعودل بين النفي والإثبات. وإنّما لم يقع قد بعد الشرط ، لأنّها تقتضي تحقيق وقوعه تقريبه من الحال ، والشرط يقتضي احتمال وقومه وعدمه وقلبه إلى الاستقبال ، قاله في التصريح.
«و» تختصّ لم أيضا «بجواز انقطاع نفيها» عن الحال. لأنّها لمطلق الانتقاء فيكون للمتّصل به نحو : (وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) [مريم / ٤] ، ولغيره نحو : هذا «لم يكن ثمّ كان» بخلاف لمّا ، لا يقال : لما يكن ثمّ كان ، بل لمّا يكن وقد يكون.
وذلك لأنّ امتداد النفي واستمراره إلى زمن التّكلّم يمنع من الإخبار بأنّ ذلك المنفيّ المستمرّ نفيه وجد في الماضي ، نعم الإخبار بأن سيكون فيما يستقبل صحيح ، ولا ينافي استمرار النفي إلى الحال. قال الدمامينيّ في التحفة : ومنع الأندلسيّ اختصاص لم بذلك ، وقال : لم ولمّا سيّان في جواز الانقطاع. قال الرضيّ : والظاهر ما قاله النحاة.
وتختصّ لم أيضا بأنّها قد تهمل حملا على ما وقيل لا كقوله [من البسيط] :
٧١٨ ـ لولا فوارس من نعم وأسرتهم |
|
يوم الصّليفاء لم يوفون بالجار (١) |
__________________
(١) البيت مجهول القائل. اللغة : الفوارس جمع الفارس : الماهر في ركوب الخيل. نعم : اسم قبيلة. الصليفاء : اسم موضع وقع فيه الحرب.