وهل هو ضرورة أو لغة؟ خلاف. بخلاف لمّا. ولا تهمل ، وبأنّها قد تنصب في لغة حكاها اللحيانيّ كقراءة بعضهم : (أَلَمْ نَشْرَحْ) [الشرح / ١] ، بفتح الحاء ، وقوله [من الرجز] :
٧١٩ ـ في أيّ يوميّ من الموت أفرّ |
|
أيوم لم يقدّر أم يوم قدر (١) |
بفتح الرّاء قال بعضهم : وذلك بالحمل على لن. قال ابن هشام : وفيه نظر ، لأنّ لن لا تحلّ هنا ، وإنّما يصحّ حمل الشيء على ما يحلّ محلّه : انتهى بخلاف لمّا فلا تنصب.
«وتختصّ لمّا بجواز حذف مجزومها» لدليل اختيارا ، «نحو : قاربت المدينة ولمّا» أي ولمّا أدخلها. قال أبو حيّان : وهذا أحسن ما يخرّج عليه قوله تعالى : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) [هود / ١١١] في قراءة ابن عامر وحمزة وحفص ، بتشديد نون إنّ وميم لمّا ، أي لمّا ينقص من علمه ، وقد خرّجه على ذلك ابن الحاجب أيضا ، لكنّه قدّره لمّا يهملوا أو يتركوا. قال ابن هشام : الأولى أن يقدّر لمّا يوفوا أعمالهم ، لأنّ ما بعده دليل على أنّ التوفية لم يقع ، وإنّما ستقع ، ولأنّ منفي لمّا متوقّع الثبوت ، انتهى.
ولا يجوز حذف مجزوم لم إلا في الضرورة ، كقوله [من الكامل] :
٧٢٠ ـ إحفظ وديعتك الّتي استودعتها |
|
يوم الأعازب إن وصلت وإن لم (٢) |
أي وإن لم تصل ، وإنّما جار ذلك في لمّا دونها ، لأنّ لمّا تقوم بنفسها بسبب أنّها مركّبة من لم وما ، فكان ما
عوّض عن المحذوف ، قاله أبو حيّان. قال غيره : لأنّ مثبتها وهو قد فعل يجوز فيه ذلك بأن يقتصر على قد كقوله [من الكامل] :
٧٢١ ـ ... |
|
... وكأن قد (٣) |
«و» تختصّ لمّا أيضا «بكونه» أي مجزومها «متوقّعا» ثبوته «غالبا» لا لازما ، «كقولك لمّا يركب الأمير ، للمتوقّع ركوبه» أي إلى الآن لم يركب ، وسوف يركب بخلاف لم ، فلا يكون منفيّها متوقّعا ، ولهذا يقال : لم يقض ما لا يكون ، دون لمّا ، وهذا معنى قولهم : لم لنفي فعل ، ولمّا لنفي قد فعل. وقد يكون منفيها غير متوقّع في غير الغائب ، نحو : ندم إبليس ، ولمّا ينفعه الندم. واختصاص لمّا بذلك غالبا بالنسبة إلى المستقبل ، وأمّا بالنسبة
__________________
(١) هو للحارث بن منذر.
(٢) هو لابراهيم بن هرمه. اللغة : الوديعة ، العهد. استودعتها : مجهول مخاطب من استودعتها وديعة أي استحفظته إيّاها. يوم الأعازب : يوم معهود بينهم.
(٣) هو من بيت للنابغة الذبياني وتمامه.
أزف الترحّل غير أنّ ركابنا |
|
لما تزل برحالنا وكأن قد. |
اللغة : أزف : دنا. الترحّل : الرحيل ، الركاب : المطايا ، لما تزل : لما تفارق بعد. الرحال : ما يوضع على ظهر المطية لتركب ، كأن قد أي كأن قد زالت لاقتراب موعد الرحيل.