على القول بالبساطة ينبغي أن يكتب بالياء كحبلي ، وعلى القولين الأخرين ينبغي أن يكتب بالألف. وهي موضوعة لغير العاقل كما في نحو قوله [من الطويل] :
٧٢٦ ـ ومهما تكن عند امرئ من خليقة |
|
وإن خالها تخفى على الناس تعلم (١) |
فعلم أنّ هذه الأدوات بالنظر لموضوعها ستّة أنواع : ما وضع لمجرّد التعليق ، وهي إن وإذا وما ، وما وضع للعاقل وهو من ، وما وضع لغير العاقل ، وهو ما ومهما ، وما وضع للزمان ، وهو متى وأيّان ، وما وضع للمكان ، وهو أين وأنّى وحيثما ، وما هو بحسب ما يضاف إليه وهو أيّ.
«فالأوّلان» وهما إن وإذما «حرفان والبواقي أسماء على الأشهر» أي أشهر الأقوال من أنّ الأولين حرفان ، والبواقي أسماء ، أمّا القول بحرفيّة إن فمجمع عليه ، وأمّا إذا فقال سيبويه : إنّها حرف بمترلة إن الشرطيّة ، فإذا قلت : إذ ما تقم أقم ، فمعناه إن تقم أقم. وقال المبرّد وابن السرّاج والفارسيّ : إنّها اسم ظرف زمان ، وأصلها إذ الّتي هي ظرف لما مضي ، فزيد عليها ما وجوبا في الشرط ، فجزم بها ، واحتجّوا بأنّها قبل دخول ما كانت اسما ، والأصل عدم التغيير ، وأجيب بأنّ التغيير قد تحقّق بدليل أنّها كانت للماضي فصارت للمستقبل فدلّ على أنّه نزع منها ذلك المعنى ألبتّة.
واعترض عليه بأنّه لا يلزم من تغيير زمانها تغيير ذاتها كالمضارع ، فإنّه موضوع لأحد الزمانين الحال والاستقبال ، وإذا دخل عليه لم ينقلب زمانه إلى المضي مع بقاء ذاته على أصلها ، قال في الهمع ، واستدلّ سيبويه بأنّها لمّا ركّبت مع ما ، صارت معها كالشيء الواحد ، فيبطل دلالتها على معناه الأوّل بالتركيب ، وصارت حرفا ، قال : ونظير ذلك أنّهم لمّا ركّبوا حبّ مع ذا ، فقالوا : حبّذا ، بطل معنى حبّ من الفعلية ، وصارت مع ذا جزء الكلمة ، وصارت حبّذا كلّها اسما بالتركيب ، وخرجت عن أصل وضعها بالكليّة.
وأمّا البواقي غير مهما فالقول باسميّتها مجمع عليه. وأمّا مهما فقال الجمهور : إنّها اسم ، والدليل عليه قوله تعالى : (مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها) [الأعراف / ١٣٢] ، فعاد الضمير المجرور به عليها ، ولا يعود الضمير إلا على الاسم. وزعم السهيليّ وابن يسعون أنّها حرف.
تنبيهات : الأوّل : فهم من كلامه أنّ الجزم بإذ وحيث مخصوص باقتران ما بهما كما لفظ به ، وهو كذلك على الأصحّ خلافا للفرّاء في جواز الجزم بهما بدونها قياسا على أين وأخواتها ، وأمّا غيرهما فقسمان : قسم لا يلحقه ما ، وهو من وما ومهما ، وأجازه
__________________
(١) البيت لزهير بن أبي سلمي من معلقته المشهورة. اللغة : الخليقة : الخصلة والسجية ، والطبيعه ، خالها : ظنّها وحسبها.