«ولا يتصرّف فيهما» أي في فعلى التّعجّب المذكورين. قال ابن مالك : اتّفاقا ، ولا يرد عليه تجويز هشام أن يؤتي بمضارع ما أفعله ، فتقول : ما يحسن زيدا ، لأنّه قياس ، ولم يسمع ، فلا يقدح في الإجماع ، وعلّة جمودهما تضمّنها معنى حرف التعجّب الّذي كان يستحقّ الوضع ، ولم يوضع ، ولعدم تصرّفهما امتنع أن يتقدّم عليهما معمولهما ، وإن يفصل بينهما وبين معمولهما ، لا تقول : ما زيدا أحسن ، ولا بزيد أحسن ، وإن قيل : إنّ بزيد مفعول. وكذلك لا تقول ما أحسن يا عبد الله زيدا ، ولا أحسن يا زيد بعمرو ، ولا أحسن لو لا بخله بزيد ، واختلفوا في الفصل بظرف أو مجرور متعلّقين بالفعل.
فذهب الأخفش والمبرّد وأكثر البصريّين إلى المنع ، وذهب الفرّاء والجرميّ والمازنيّ والزجاج والفارسيّ وابن خروف والشلوبين إلى الجواز ، والصحيح لقولهم ما أحسن بالرجل أن يصدق ، وما أقبح به أن يكذب ، وقوله [من الطويل] :
٧٦٧ ـ أقيم بدار الحزم مادام حزمها |
|
وأحر إذا حالت بأن أتحوّلا (١) |
ولو تعلّق الظرف والمجرور بمعمول فعل التعجّب ، لم يجز الفصل به اتّفاقا ، كما قال ابن مالك في شرح التسهيل لا يقال : ما أحسن في المسجد معتكفا ، ولا أحسن عندك بجالس.
«وما» في ما أفعله اسم (٢) «مبتدأ اتّفاقا» ، أمّا كونه اسما فلأنّ في أفعل ضميرا يعود عليها ، والضمير لا يعود إلا على الأسماء ، وأمّا كونه مبتدأ ، فلأنّها مجرّدة عن العوامل اللفظيّة للإسناد إليها. قيل : وما روي عن الكسائيّ من أنّها لا موضع لها من الإعراب فشاذّ ، ولا يقدح في الأجماع.
«وهل هي» نكرة تامّة «بمعنى شيء»؟ وابتدأ بها لتضمّنها معنى التعجّب أو للابهام ، وما بعدها خبرها فموضعه رفع «أو» هي «موصولة» بمعنى الّذي فهي مبتدأ «وما بعدها صلتها» فلا محلّ له من الإعراب «والخبر محذوف» وجوبا ، فتقدير ما أحسن زيدا الّذي ، أحسن زيدا شيء عظيم ، فيه «خلاف».
قال سيبويه والجمهور بالأوّل ، والأخفش بالثاني ، وله قول آخر بأنّها نكرة ، موصوفة وما بعدها صفتها ، والخبر محذوف وجوبا ، والتقدير شي أحسن زيدا عظيم ، وردّ قولاه ، بأنّ فيه التزام حذف الخبر دون شيء يسدّ مسدّه (٣) ، ولا نظير له.
__________________
(١) هو لأوس بن حجر.
(٢) سقط اسم في «ح».
(٣) دون شيء مسدّه «ح».