أفعل إنّما هو في المعنى وصف لزيد لا لضمير ما ، وزيدا عندهم مشبّه بالمفعول به ، ولأنّ ناصبه وصف قاصر ، فاشبه قولك : زيد حسن الوجه ، بالنصب.
الثاني : ربّما يتوهّم من قولهم : وأفعل به ، لزوم الإتيان بالباء الزائدة مطلقا ، وليس مرادا. قال ابن هشام في حواشي التسهيل : يجوز حذف الباء إن كان المتعجّب منه أن المصدريّة وصلتها كقوله [من الطويل] :
٧٦٩ ـ ... |
|
وأحبب إلينا أن نكون المقدّما (١) |
أي بأن تكون دون أنّ المشدّدة وصلتها لعدم السماع ، فهذا حكم اختصّت به أن عن ان ، ونظيره عسى أن يقوم ، انتهى.
وفي الإرتشاف أنّ الباء زائدة لازمة إلا مع أن وصلتها ، فجاز حذفها ، وفي النهاية لا يجوز حذف الباء من أن وأنّ في التعجّب ، وفي شعر شريف الموسوي (٢) (ره) إسقاطها ، قال [من الكامل] :
٧٧٠ ـ أهون عليك إذا امتلأت من الكرى |
|
إنّي أبيت بليلة الملسوع (٣) |
انتهى.
وفي الهمع : ويجاء بعد أفعل بباء زائدة لازمة ، لا يجوز حذفها ، وقيل : يجوز حذفها مع أن وأنّ المصدريّتين ، فيحصل من هذه النقول في المسالة ثلاثه أقوال : جواز حذف الباء مطلقا ، ومنعه مطلقا ، وعليه صاحب النهاية والهمع ، والتفصيل وعليه الشيخان ابن مالك وابن هشام.
الثالث : لا يتعجّب إلا من معرفة أو نكرة مختصّة ، نحو : ما أحسن زيدا ، أو ما أسعد رجلا اتّقي الله ، لأنّ المتعجّب منه مخبر عنه في المعنى ، فلا يقال ما أسعد رجلا من الناس ، لأنّه لا فائدة في ذلك ، قاله في التصريح وغيره.
الرابع : لا يتعيّن ذكر المتعجّب منه ، بل يجوز حذفه في مثل ما أحيسنه ، إذا دلّ عليه دليل كقول علي (ع) [من الطويل] :
٧٧١ ـ جزى الله عنّي والجزاء بفضله |
|
ربيعة ما أعفّ وأكرما (٤) |
__________________
(١) صدره «وقال نبيّ المسلمين تقدّموا» ، وهو لعباس بن مرداس.
(٢) هو الشريف الرضي ولد في بغداد سنة ٣٥٩ ه. من أصل يرتقي إلى الحسين (ع) وقد توّلي نفابة الأشراف والطالبيين وأمارة الحج. له ديوان شعر وجمع نهج البلاغه ، وقد توفّي سنة ٤٠٦ ه .. الجامع في تاريخ الأدب العربي ١ / ٨٣٢.
(٣) الكرى : النعاس.
(٤) ليس هذا البيت في الديوان المنسوب إلى الإمام علي (ع) بل قد جاء في الديوان.
جزي الله قوما قاتلوا في لقائهم |
|
لدي البأس خيرا ما أعفّ وأكرما |
ربيعة أعني إنّهم أهل نجدة |
|
وبأس إذا لاقوا خميسا عرمرما |
ديوان الامام علي (ع) ص ١٣٥.