وأمّا لا النافية الداخلة على الجملة الاسميّة فإنّها لا التبرئة المشابهة ، لأنّ المكسورة اللازم دخولها على الجمل ، قاله الرضيّ.
وذهب بعضهم إلى نفي صدارة لا وإن النافيتين مطلقا ، وعليه المغاربة ، ولذلك لم يذكروها في المعلّقات ، وفصّل بعضهم ، فقال : إن وقعتا في جواب القسم الملفوظ أو المقدّر نحو : علمت والله لا زيد في الدار ولا عمرو ، وعلمت والله إن زيد قائم ، وعلمت لا زيد قائم في الدار ولا عمرو ، وعلمت إن زيد قائم ، كان لهما الصدر لحلولهما محلّ أدواته وإلا فلا ، وعليه جري ابن هشام في المغني والجامع والشذور والقطر وشرحيهما.
ولام الابتداء نحو : علمت لزيد قائم ، وقوله تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) [البقرة / ١٠٢] ، وأمّا نحو : علمت إن زيدا لقائم. فقال ابن هشام في شرح الشذور : ذكر جماعة من المغاربة أنّ من المعلّقات أنّ الّتي في خبرها اللام ، والظاهر أنّ المعلّق هو اللام [لا أنّ] ، إلا أنّ ابن الخبّاز حكى في بعض كتبه أنّه يجوز «علمت أنّ زيدا قائم» بالكسر مع عدم اللام ، وأنّ ذلك مذهب سيبويه ، فعلى هذا المعلّق أنّ ، انتهى.
والقسم الملفوظ نحو : علمت والله ليقومنّ زيد ، والمقدّر نحو قوله [من الكامل] :
٧٩٤ ـ ولقد علمت لتأتينّ منيّتي |
|
إنّ المنايا لا تطيش سهامها (١) |
أي والله لتأتينّ ، وذلك إذا لم نقل بأنّ قوله : لتأتينّ جواب لقوله : علمت ، بناء على أنّ أفعال القلوب لإفادتها التحقيق تجاب بما يجاب به القسم ، كما جزم به ابن هشام في المغني وغيره. وفي تصوير التعليق هنا نظر ، لأنّ الناسخ إنّما يدلّ على ما كان في الأصل مبتدأ وخبرأ وهو هنا منتف ، وذهب بعضهم إلى أنّ القسم مقدّر بعد هذه الأفعال مع جميع المعلقات المذكورة ، وأنّه هو المعلّق لا هي ، قال في الهمع.
تنبيهات : الأوّل : عدّ ابن مالك من المعلّقات لو ، كقوله [من الطويل] :
٧٩٥ ـ وقد علم الأقوام لو أنّ حاتما |
|
أراد ثراء المال كان له وفر (٢) |
وأبو علي الفارسي لعلّه قال في الجامع : وتختصّ بدري ، نحو : (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) [عبس / ٣] ، ووافقه على ذلك أبو حيّان ، لأنّهما مثل الاستفهام في أنّها غير خبر ، وإنّ ما بعدها منقطع عمّا قبلها ، ولا تعمل فيه ، وبعضهم كم الخبريّة ، نصّ عليه ابن
__________________
(١) هو للبيد بن ربيعة. اللغة : المنية : الموت ، لا تطيش : لا تخيب ، بل تصيب المرمى ، السهام : جمع سهم ، وهو هنا استعارة مكينة عن وسائل الموت المختلفة.
(٢) هو لحاتم الطائي الجواد المشهور. اللغة : الثراء : كثرة المال ، وفر : كثير واسع.