والأندلسيّ : لو كان بمعنى الظّنّ لم تستعمل في العلم ، وقد يقال لك : كيف تقول زيدا قائما ، فتجيب أعلمه قائما ، فهو إذن بمعنى الاعتقاد علما كان أو ظنّا ، انتهى.
وجمهور العرب لا يجوّز هذا الالحاق إلا بشروط تقدّم استفهام بالهمزة أو غيرها ، وكونه فعلا مضارعا لمخاطب أو اتّصال الاستفهام به كقوله [من الرجز] :
٨٠١ ـ متى تقول القلص الرّواسما |
|
يحملن أمّ قاسم وقاسما (١) |
وقوله [من الطويل]
٨٠٢ ـ علام تقول الرّمح يثقل عاتقي |
|
إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرّت (٢) |
وحكي الكسائيّ : أتقول للعميان عقلاء؟ أي أتظنّ؟ فإن فقد شرط ممّا ذكر تعيّنت الحكاية ، بأن لا يتقدّم استفهام ، أو يكون القول غير مضارع ، أو مضارعا لغير مخاطب أو يفصل بينه وبين الاستفهام ، واغتفر الفصل بالظرف والمعمول مفعولا أو حالا ، كقوله [من البسيط] :
٨٠٣ ـ أبعد بعد تقول الدار جامعة |
|
شملي بهم أم تقول البعد محتوما (٣) |
ونحو : أفي الدار تقول زيدا جالسا ، وقوله [من الوافر] :
٨٠٤ ـ أجهّالا تقول بني لؤيّ |
|
لعمر أبيك أم متجاهلينا (٤) |
ونحو : أمسرعا تقول زيدا منطقا ، وقيل : لا يضرّ الفصل مطلقا ولو بأجبنيّ ، نحو : أأنت تقول زيدا منطلقا؟ وعليه الكوفيّون وأكثر البصريّين ما عدا سيبويه والأخفش ، وذهب السيرافيّ إلى جواز إعمال الماضي بشروط المضارع ، والكوفيّون إلى جواز إعمال الأمر بشروطه أيضا.
وزاد ابن مالك في التسهيل وشرحه لإعمال المضارع شرطا خامسا ، وهو أن يكون للحال لا للاستقبال ، وأنكره أبو حيّان والمراديّ وابن هشام في بعض كتبه ، وقالوا : لا نعلمه لغيره ، وزاد ابن هشام : بل الظاهر من اشتراط الاستفهام أن يكون مستقبلا وإذا اجتمعت الشروط فتجوز الحكاية أيضا مراعاة للأصل ، نحو : أتقول زيد منطلق؟
__________________
(١) البيت لهدبة بن خشرم العذري. اللغة : القلص : جمع قلوص ، وهي الشابة الفتية من الإبل ، الرواسم : جمع راسمة وهو ضرب من سير الإبل السريع.
(٢) البيت لعمرو بن معدي كرب ، اللغة : الرمح : القناة في رأسها سنان يطعن به ، العاتق : المنكب ، كرّت : أقبلت.
(٣) لم يسمّ قائله. اللغة : الشمل : الاجتماع.
(٤) هو للكميت بن زيد. اللغة : المتجاهل : الّذي يتصنع الجهل ويتكلّفه وليس به جهل.