«ضمّن كلمتين» حقيقة أو حكما ، أي يكون كلّ واحدة منهما في ضمنه ، إذ التثنية على ما اصطلحوا عليه اختصار العطف ، فكأنّه قال : كلمة وكلمة ، فالمتضمّن اسم فاعل ، هو المجموع ، والمتضمّن اسم مفعول ، هو كلّ واحد من الكلمتين ، فزيد قائم مثلا بصورته المجموعيّة متضمّن لزيد قائم بصورته الإفراديّة ، فلا يلزم اتّحاد المتضمّن والمتضمّن ، وخرج بهذا القيد المفردات.
«بإسناد» متعلّق بتضمّن ، أو صفة مصدر محذوف ، أي تضمّنا متلبّسا أو حاصلا أو ملصقا به ، أو صفة كلمتين ، أي كلمتين متلبّستين بإسناد إحداهما إلى الأخرى ، فإن قيل : التعريف غير جامع ، لأنّ الجملة الشرطيّة والجملة الّتي أحد جزئيها جملة ، نحو : زيد أبوه قائم ، لا يصدق التعريف عليهما ، إذ الأولى متضمّنة لجملتين ، والثانية لجملة وكلمة ، أجيب بأنّ تعرّضه لكلمتين لبيان أقلّ ما لا بدّ منه لا لنفي الزيادة ، فاشتمال الصورتين على أكثر من كلمتين لا يضرّ. واعلم أنّ المراد بالإسناد هنا هو ضمّ إحدى الكلمتين إلى الأخرى ، سواء حصل مع ذلك فائدة أم لا ، وفي قوله بإسناد بالتنكير إشارة إلى ذلك.
«فهي» أي الجملة «أعمّ من الكلام» عموما مطلقا لصدقها عليه وعلى غيره ، إذ شرطه الفائدة بخلافها ، فكلّ كلام جملة ، ولا عكس بالمعنى اللغويّ ، والأعمّ هنا بمعنى العامّ ، فمن لمجرّد الابتداء ، هذا بالنظر إلى المفهوم ، وأمّا بالنظر إلى موارد الاستعمال فهو على بابه ، قاله بعض المحقّقين. قال شيخنا جمال الدين محمد الشاميّ ـ متع الله بحياته ـ بل هو بالنظر إلى المفهوم على بابه أيضا ، لأنّ الجملة أكثر عموما للإفراد من الكلام ، فتدبّر ، انتهى. وما ذكر من كون الجملة أعمّ من الكلام ليس اجماعا بل هو «عند الأكثر». وقد ذهب بعضهم إلى أنّهما مترادفان ، وهو ظاهر كلام الزمخشريّ في المفصّل ، فإنّه بعد أن فرغ من حدّ الكلام ، قال : ويسمّى الجملة ، وفي قول المصنّف عند الأكثر نظر ، بل الظاهر أنّ الأكثر على أنّهما مترادفان.
قال البدر الدمامينيّ في التحفة : ظاهر كلام الأندلسيّ في شرح المفصّل أنّه رأي الجميع ، لأنّه قال في باب المبتدإ والخبر : الكلام والجملة في اصطلاحهم مترادفان ، انتهى. وفي «الأشباه والنظائر» قال الشيخ محب الدين ناظر الجيش : الّذي يقتضيه كلام النحاة تساوي الكلام والجملة في الدلالة ، يعني كلّما صدق أحدهما ، صدق الآخر ، فليس بينهما عموم وخصوص ، انتهى.
فظهر أنّ الأكثر على الترادف ، نعم قال الشيخ جمال الدين بن هشام في المغني : والكلام أخصّ من الجملة ، لا مرادف لها ، فإنّ الكلام هو القول المفيد بالقصد ، والمراد بالمفيد ما دلّ على معنى يحسن السكوت عليه ، والجملة عبارة عن الفعل وفاعله كقام