لأنّه وقع فى صدر الجملة الواقعة خبرا ، فوجب تقدير القول ، وأمّا فى : أين زيد؟ فإنّما وجب التقديم ، لأنّ الاستفهام متعلّق بالنسبة الّتي هي بين زيد وخبره المقدّر معنى ، كأنّه قيل : أزيد في الدار أو في السوق؟ كما تقدّم ، فلا وجه لتقدير القول ، انتهى.
[التنبيه] الثاني : قال العلّامة الكافيجيّ (١) : لا يسوغ الإخبار بجملة ندائيّة ، نحو : زيد يا أخاه ، ولا مصدّرة بلكن أو بل أو حتّى بالأجماع في كلّ ذلك.
«ولا بدّ فيها» ، أي في الجملة الخبريّة «من ضمير» يربطها بما هي خبر عنه ، لأنّ الجملة من حيث إنّما جملة كلام مستقلّ ، فإذا قصد جعلها جزء الكلام ، فلا بدّ من رابطة تربطها بالجزء الآخر ليكون الجميع كلاما واحدا ، وإلا لم تحصل الفائدة ، لو قلت : زيد قام عمرو «مطابق» لما يعود إليه في الإفراد والتذكير وفروعهما ونحو : زيد جاء أبوه ، وهند قام أبوها ، والزيدان أو الهندان قام أبوهما ، والزيدون قام أبوهم ، والهندات قام أبوهن ، «مذكور» كزيد ضربته «أو» محذوف «مقدّر» إن علم ، وجرّ بمن التبعيضيّة كالسّمن منوان بدرهم ، أي منه ، أو بفي الظرفية كقوله [من المتقارب] :
٨٢٤ ـ فيوم علينا ويوم لنا |
|
ويوم نساء ويوم نسر (٢) |
أي نساء فيه ونسرّ فيه أو بمسبوق ممّاثل لفظا ومعمولا كقوله [من الوافر] :
٨٢٥ ـ صحّ فالّذي توصي به أنت مفلح |
|
فلاتك إلا في الناس منافسا (٣) |
أي أنت مفلح به ، أو باضافة اسم فاعل كقوله [من البسيط] :
٨٢٦ ـ سبل المعالى بنو الاعلين سالكه |
|
والأرث أجدر من يحظى به الولد (٤) |
أي سالكتها ، ومنع ذلك بعضهم ، أو نصب بوصف ، نحو : الدرهم أنا معطيك ، أي معطيكه ، وهو قليل ، أو نصب بفعل تامّ متصرّف ، والمبتدأ كلّ ، كقراءة ابن عامر في سورة الحديد : وكل وعد الله الحسنى [النساء / ٩٥] ، وبيت الكتاب [من الوافر] :
٨٢٧ ـ ثلاث كلّهنّ قتلت عمدا |
|
فأخزى الله رابعة تعود (٥) |
وقول أبي النجم [من الرجز] :
٨٢٨ ـ قد أصبحت أمّ الخيار تدّعي |
|
علىّ ذنبا كلّه لم أصنع (٦) |
__________________
(١) محمد بن سليمان بن سعد أبو عبد الله الكافيجي الحنفيّ ولد سنة ٧٨٨ ه ، كان إماما في الكلام وأصول اللغة والنحو والمعاني والبيان ومن تصانيفه : شرح قواعد الإعراب وشرح كلمتى الشهادة ، وتوفّي سنة ٧٨٩ ه. بغية الوعاة ١ / ١١٧.
(٢) هو للنّمر بن تولب.
(٣) لم يسمّ قائله.
(٤) ما وجدت البيت.
(٥) لم يسمّ قائله.
(٦) البيت لأبي النجم العجلي. اللغة : أمّ الخيار : زوجة أبي النجم.