قالوا : لأنّ كلّ لو نصب للزم وقوعه مفعولا ، وهو ممتنع ، لأنّها إذا أضيفت إلى مضمر لم تستعمل إلا مبتدأ أو تاكيدا كما قرئ بهما في قوله تعالى : (إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) [آل عمران / ١٥٤] ، لا يجوز أن تكون توكيدا في البيتين ، لأنّ المؤكّد بها نكرة.
قال ابن مالك : وكذا ما أشبه كلّا في العموم والافتقار نحو : أيّهم يسألني أعطي ، ورجل يدعو إلى الخير أجيب ، أي أعطيه وأجيبه ، الأوّل شرط إن جزمت الفعلين ، وموصول إن رفعتهما ، والثاني مشبه بالشرط ، فيحتاج إلى جملة تكون صفة له ليتمّ بها معناه ، كما يتمّ بالشرط معنى اسم الشرط ، وكما يتمّ بالصلة الموصول.
قال أبو حيّان : لا أعلم له سلفا في ذلك ، ويضعف الحذف إن كان المبتدأ غير ذلك كقراءة السلمى (١)(أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) [المائدة / ٥٠] بالرفع أي لا يبغونه ، وقوله [من السريع] :
٨٢٩ ـ وخالد تحمد ساداتنا |
|
بالحقّ لا يحمد الباطل (٢) |
برفع خالد وساداتنا أي يحمده ساداتنا.
أمّا المرفوع فقد صرّح غير واحد ، منهم ابن مالك وأبو حيان ، والرضيّ يمنع حذفه ، لأنّه عمدة ، وإنّما حذف في الصلة في بعض الأحوال لكونها أشدّ ارتباطا بالموصول من المبتدإ ، وأجاز بعضهم حذفه مبتدأ ، كما في قوله تعالى (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) [طه / ٦٣] ، عند من قدّر : إنّ هذان لهما ساحران : ونقل في المغني عن ابن عصفور إجازة حذفه في نحو : زيد هو القائم ، قال مع قوله هو وغيره : إنّه لا يحذف العائد في نحو : جاء الّذي هو في الدّار ، لأنّه لا دليل على المحذوف.
تنبيه : قال ابن هشام : قد يوجد الضمير في اللفظ ، ولا يحصل الربط ، وذلك في ثلاث مسائل :
إحداها : أن يكون معطوفا بغير الواو : نحو : زيد قام عمرو فهو أو ثمّ هو.
والثانية : أن يعاد العامل ، نحو : زيد قام عمرو قام هو.
الثالثة : أن يكون بدلا ، نحو : حسن الجارية أعجبتني هو ، فهو بدل اشتمال من الضمير المستتر العائد على الجارية ، وهو في التقدير كأنّه من جملة أخرى ، وقياس قول من جعل العامل في البدل هو العامل في المبدل منه أن تصحّ المسالة ، انتهى.
«إلا إذا اشتملت» الجملة الّتي هي خبر «على المبتدإ» لفظا ومعنى ، أو معنى فقط ، فلا يحتاج إلى ضمير ، بل هذا الاشتمال كاف في ربط الجملة بما هي خبر عنه ، فالأوّل
__________________
(١) لم أجد ترجمة له.
(٢) البيت مجهول القائل.