قال : لأنّ تقدير ما المصدريّة قبل ما النافية ممتنع ، والّذي رأى أنّها تصاف إلى الجملة وجه ذلك بأنّ الآية بمعنى العلامة مشابهة للوقت ، لأنّ الوقت حادث صار علما لحادث آخر ، كقولك : أتيتك طلوع النجم ، فصار طلوعها آية الإتيان وعلامته ، فمن ثمّ عوملت معاملة أسماء الأوقات في جواز الإضافة إلى الجملة ، وأمّا اشتراط الفعلية وتصرّف الفعل وكونه مثبتا أو منفيّا بما فمحال على السماع.
الثاني : ذو في قولهم : إذهب بذي تسلم ، والبا في ذلك ظرفيّة ، وذو صفة لزمن محذوف ، ثمّ قال الأكثرون هي بمعنى صاحب ، فالموصوف نكرة ، أي إذهب في وقت صاحب سلامة ، أي في وقت هو مظنّة السلامة ، وقيل : إنّها موصولة بمعنى الّذي على لغة طيّ ، وأعربت على لغة بعضهم ، فالموصوف معرفة ، والجملة صلة فلا محلّ لها ، والأصل إذهب في وقت الّذي تسلم فيه ، ثمّ اتّسع فيه ، فحذف الجارّ فصار تسلمه ، ثمّ حذف الضمير ، فلا إضافة فيه إلى الجملة.
قال المراديّ في شرح التسهيل : وإلى نحو هذا كان يذهب ابن الطراوة. قال ابن هشام : ويضعفه أنّ استعمال ذي موصولة بطيّ ، ولم ينقل اختصاص هذا الاستعمال بهم ، وأنّ الغالب عليها في لغتهم البناء ، ولم يسمع هنا إلا الإعراب ، وأنّ حذف العائد المجرور هو الموصول بحرف متّحد المعنى مشروط باتّحاد المتعلّق نحو : (وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ) [المومنون / ٣٣] ، أي منه ، والمتعلّق هنا مختلف ، وأنّ هذا العائد لم يذكر في وقت ، انتهى.
وربّما قالوا : بذي تسلم ما كان كذا مقسما به ، ويختلف فاعلا اذهب وتسلم بحسب المخاطب ، فيقال : اذهبي بذي تسلمين ، واذهبا بذي تسلما ، واذهبوا بذي تسلمون ، واذهبن بذي تسلمن.
الثالث والرابع : لدن وريث ، فإنّهما يضافان جوازا إلى الجملة الفعلية الّتي فعلها متصرّف ، ويشترط كونه مثبتا بخلافه مع آية كقوله [من الطويل] :
٨٥٠ ـ لزمنا لدن سألتمونا رفاقكم |
|
فلا يك منكم للخلاف جنوح (١) |
وقوله [من الطويل] :
٨٥١ ـ خليليّ رفقا ريث أقضي لبانة |
|
من العرصات المذكّرات عهودا (٢) |
وقد تضاف لدن إلى الجملة الاسميّة أيضا كقوله [من الطويل] :
__________________
(١) البيت بلا نسبة إلى قائل معيّن ، ويروى سألتمونا وفاقكم. اللغة : الجنوح : الميل.
(٢) لم يذكر قائله. اللغة : الريث : البطء ، اللبانة : الحاجة ، العرصات : جمع عرصة ، وهو الفضاء الواسعة من الدار ليس فيها بناء.