فوقعت في الأوّل بين الحرف وتوكيده ، وفي الثاني بين الحرف الناسخ ومعموله ، وفي الثالث بين حرف التنفيس والفعل ، والرابع بين قد والفعل وفي الخامس بين الحرف ومنفيه ، وكلّ ذلك يشمله قولنا بين الحرف ومدخوله.
تنبيهات : الأوّل : يجوز الاعتراض بأكثر من جملة خلافا للفارسي ، كقوله تعالى : (قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ) [آل عمران / ٣٦] ، فالجملة الاسميّة ، وهي والله أعلم بما وضعت بإسكان التاء ، والفعلية وهي ليس الذكر كالأنثي معترضتان بين الجملتين المصدّرتين بإنّي.
الثاني : كثيرا ما تشبه المعترضة بالحالية ويميّزها منها أمور :
أحدها : أنّه يجوز اقترانها بالفاء كقوله [من الكامل] :
٨٧٧ ـ وأعلم فعلم المرء ينفعه |
|
أن سوف يأتي كلّ ما قدرا (١) |
الثاني : أنّه يجوز كونها طلبيّة ، كقوله [من السريع] :
٨٧٨ ـ إنّ الثّمانين وبلّغتها |
|
قد أحوجت سمعي إلى ترجمان (٢) |
الثالث : أنّه يجوز تصديرها بدليل استقبال كلن في : (وَلَنْ تَفْعَلُوا) [البقرة / ٢] ، وقوله [من الوافر] :
٨٧٩ ـ ... وسوف إخال أدري |
|
... (٣) |
الرابع : أنّه يجوز اقترانها بالواو مع تصديرها بالمضارع المثبت كقول المبتني [من المنسرح] :
٨٨٠ ـ يا حادبي عيرها أحسبني |
|
أوجد ميتا قبيل أفقدها |
قفا قليلا بها على فلا |
|
أقلّ من نظرة أزوّدها (٤) |
قوله : أفقدها على إضمار أن ، وقوله أقلّ يروي بالرفع والنصب.
الثالث : للبيانيّين في الاعتراض اصطلاحات مخالفة لاصطلاح النّحويّين ، والزمخشريّ يستعمل بعضها كقوله في : (نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) [البقرة / ١٣٣] ، يجوز أن تكون حالا من فعل نعبد ، أو من مفعوله لاشتمالها على ضميريهما ، وأن تكون معطوفة على نعبد ، وأن تكون اعتراضية مؤكّدة ، وأي ومن حالنا أنّا مخلصون له التوحيد ، ويردّ عليه مثل ذلك
__________________
(١) لم ينسب إلى قائل معين.
(٢) هو لأبي المنهال عوف بن محلم. اللغة : الترجمان : الذي ينقل إليك كلام غيرك عن لغته إلى لغتك.
(٣) تقدم برقم ٨٧٤.
(٤) اللغة : الحادبي : تثنية الحادبين ، سقطت نونه بالإضافه ، هو سائق الإبل بالغناء لها ، العير : الإبل الّتي تحمل الطعام ، النظرة : مصدر مرّة من النظر ، أزوّد : أعطى زادا.