الموصول معنى الشرط ، نحو : الّذي إن قام أبوه منطلق. وقيل : لا ، لاجتماع الشرطين ، والشئ لا يكون تمام نفسه ، وردّ بأنّ الثاني غير الأوّل لا نفسه ، قاله في الهمع.
تنبيه : إطلاقهم الخبريّة على جملة الصلة مجاز من قبيل تسمية الشيء باعتبار ما كان عليه لخلوّها الآن عن الإفادة ، وكذا الكلام في الجمل الخبريّة الواقعة خبرا للمبتدإ أو صفة للنكرة أو حالا ، فإنّها جمل ، وليست خبرا أي كلاما مقابلا للطلب ، وذلك لخروج نسبها عن كونها مقصودة بالذات ، فإذا قلت : زيد أبوه منطلق ، كان القصد إلى إثبات انطلاق الأب لزيد ، لا إلى إثبات الانطلاق لأبيه ، فإنّه مقصود تبعا ، فليس كلّ جملة كلاما ، ولا كلّ جملة غير إنشائية خبرا ، قاله السّيّد في شرح المفتاح.
«معلومة للمخاطب» لأنّك إنّما تأتي بالصّلة لتعرّف المخاطب الموصول المبهم بما كان يعرفه قبل ذكر الموصول من اتّصافه بمضمون الصلة إلا في مقام التهويل والتعظيم ، فيحسن إبهامها ، فالمعلومة كالّذي قام أبوه ، والمبهمة نحو : (فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ) [طه / ٧٨] ، ولم يعتبر ابن مالك هذا الشرط ، قال في شرح التسهيل : المشهور عند النّحويّين تقييد الجملة الموصول بها بكونها معهودة ، وذلك غير لازم ، لأنّ الموصول قد يراد له معهود ، فتكون صلته معهودة كقوله تعالى : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ) [الأحزاب / ٣٧] ، وقد يراد به الجنس ، فتوافقه صلته كقوله تعالى :(كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً) [البقرة / ١٨١] ، وقد يقصد تعظيم الموصول ، فتبهم صلته كقوله [من الطويل] :
٨٨٥ ـ ... |
|
فمثل الّذي لا قيت يغلب صاحبه (١) |
«مشتملة» غالبا «على ضمير مطابق للموصول» في الأفراد والتذكير فروعهما ، كجاء الّذي قام أبوه ، والّتي قام أبوها ، واللّذان واللتان قام أبوهما ، والّذين قام أبوهم واللّاتي قام أبوهنّ (٢).
ويسمّى هذا الضمير عائدا كما مرّ ، ولا إشكال في مطابقته للموصول لفظا ومعنى ، إن طابق لفظ الموصول معناه كالامثلة المذكورة ، فإن خالف لفظه معناه ، بأن كان مفرد اللفظ مذكّرا ، وأريد به غير ذلك كمن وما ، جاز في العائد وجهان : مراعاة اللفظ ، وهو الأكثر نحو : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) [الأنعام / ٢٥] ، ومراعاة المعنى ، وهو دونه نحو : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) [يونس / ٤٢] ، ما لم يحصل من مطابقة
__________________
(١) صدره «فإن أستطع أغلب وإن يغلب الهوي» وهو لابن ميادة.
(٢) ويشترط في شبه الجملة ، وهي الظرف والجارّ والمجرور ، أن يكونا تامّين ، والمعنى بالتامّ أن يكون في الوصل بهما فائدة ، نحو : جاء الّذي عندك ، والّذي في المدرسة ، والعامل فيهما فعل محذوف وجوبا ، فإن لم يكونا تامّين لم يجز الوصل بهما ، فلا تقول : جاء الّذي بك ، ولا جاء الّذي اليوم ، لانتفاء الفائدة ،