وأمّا القسم فتقديره أقسم ، وأمّا في الاشتغال فتقديره كالمنطوق به ، نحو : يوم الجمعة صمت فيه ، وأمّا في المثل فيقدّر بحسب المعنى ، وأمّا في البواقي نحو : زيد في الدار ، فيقدّر كونا مطلقا ، وهو كائن ، أو مستقرّ ، أو مضارعهما ، إن أريد الحال أو الاستقبال ، نحو : الصوم اليوم أو في اليوم ، والجزاء غدا أو في الغد ، ويقدّر كان أو استقرّ أو وصفهما إن أريد المضي ، هذا هو الصواب ، وقد أغفلوه مع قولهم في نحو : ضربي زيدا قائما ، فإنّما التقدير : إذ كان قائما ، إن أريد المضي ، وإذا كان ، إن أريد الاستقبال ، ولا فرق ، وإذا جهلت المعنى ، فقدّر الوصف ، لأنّه صالح في الأزمنة كلّها ، وإن كانت حقيقته في الحال ، انتهى ملخّصا.
واعترضه الدمامينيّ بأنّه كيف يقدّر مع الجهل ما هو ظاهر في الحال الّذي هو من جملة الأمور المجهولة ، وهل هذا إلا تهافت ، قال وإن قلت : فماذا تصنع عند جهل المعنى ، قلت : لا يقدم حينئذ على تقدير شىء معيّن ، بل يردّد الأمر ، ويقال : إن أريد المضي قدّر كذا ، وإن أريد الحال قدّر كذا ، وإن أريد (١) الاستقبال قدّر كذا ، فتخرج حينئذ عن العهدة.
الثالث : قال التفتازانيّ في حاشية الكشّاف : ممّا يجب التنبيه له أنّه إذا قدّر في الظرف (٢) كان أو كائن فهو من التامّة بمعنى حصل وثبت ، والظرف بالنسبة إليه لغو لا الناقصة ، وإلا كان الظرف في موضع الخبر بتقدير كان أخرى وبتسلسل التقديرات.
الرابع : الظرف ـ والمراد به ما يتناول الجارّ والمجرور ـ قسمان : مستقرّ ، بفتح القاف ، ولغو ، فالمستقرّ ما كان متعلّقه عامّا واجب الحذف كما مرّ ، واللغو ما كان متعلّقه خاصّا ، سواء وجب حذفه كما في الاشتغال وغيره ممّا ذكر أو جاز ، نحو : يوم الجمعة ، جوابا لمن قال : متى قدمت ، ووجه تسمية الأوّل مستقرّا والثاني لغوا أنّه لمّا كان المتعلّق العامّ إذا حذف انتقل الضمير الّذي كان مستترا فيه إلى الظرف سمّي ذلك الظرف مستقرّا لاستقرار الضمير فيه ، فهو في الأصل مستقرّ فيه ، ثمّ حذفت الصلة اختصارا لكثرة دوره بينهم كقولهم فى المشترك فيه مشترك ، ولمّا كان الآخر لم ينتقل إليه شئ من متعلّقه سمّي لغوا أو ملغي ، كأنّه ألغي.
قال البدر الدمامينيّ في التحفة بعد ذكره ذلك : وهو الّذي سمعته من بعض أشياخنا ، ولا يخفى أنّه أولى ممّا قيل : إنّه إنّما سمّي مستقرّا ، لأنّ ناصبه هو استقرّ مقدّرا قبله ، أمّا أوّلا فلأنّ الظرف المستقرّ لا يلزم تقدير عامله باستقرّ على الخصوص ، بل يجوز أن يقدّر
__________________
(١) سقطت «وإن أريد» في «ط».
(٢) إذا قدّر في اللفظ «ح».