بحصل وثبت ونحو ذلك ممّا يدلّ على كون عامّ ، فلم اشتقّ له الاسم من استقّر دون غيره ، وأمّا ثانيا فلأنّ الظرف اللغو أيضا من قولنا : صمت يوم الجمعة ، يصدق عليه أنّه مستقرّ اذ قد استقرّ في اليوم المذكور الصوم ، وإن لم يكن متعلّقه لفظ استقرّ.
وأجاب الشمنيّ بأنّه يكفي في تسمية مستقرّا تعلّقه بلفظ الاستقرار وما هو بمعناه ، لا بمعنى أنّه يلزمه معنى الاستقرار لترد الصورة الّتي ذكرها عن بعض شيوخه ، ولا يتأتّى على ما ذهب إليه السيرافيّ من أنّ الضمير حذف مع المتعلّق ، وأنّما يتأتّى على ما ذهب أبو علي ومن تبعه أنّ الضمير انتقل عن المتعلّق إلى الظرف.
الخامس : قد تقوم قرينة على أنّ المراد بالاستقرار العامّ أمر خاصّ ، ولا يقدح ذلك في الحكم بأن الظرف مستقرّ ، كما إذا قلت : زيد على الفرس ، فالأصل مستقرّ ، لكنّ المراد منه بحسب القرينة راكب ، فلهذا يجعل مستقرّا لا لغوا ، نصّ عليه التفتازانيّ في حاشية الكشّاف حيث قال الزمخشريّ على معنى متبرّكا باسم الله أقرأ ، فقال : هو يعني أنّ التقدير متلبّسا باسم الله ، ليكون المقدّر من الأفعال العامّة ، لكنّ المعنى بحسب القرينة على هذا ، فلهذا يجعل الظرف مستقرّا لا لغوا ، هذا كلامه.
قال الدمامينيّ : إذا قامت القرينة على أنّ المراد كون خاصّ ، فلم لم يقدّر ابتداء ، ويكون الظرف لغوا ، وأيّ فائدة في تقدير العامّ ، ثمّ الحكم بأنّ المراد منه الخاصّ الّذي دلّت عليه القرينة ، وقد قال هو قبل ذلك بنحو ورقة ، والنّحويّون إنّما يقدّرون متعلّق الظرف المستقرّ عامّا ، إذا لم توجد قرينة الخصوص.
السادس : الأصل أن يقدّر المتعلّق المحذوف مقدّما عليهما كسائر العوامل مع معمولاتها ، وقد يعرض ما يقتصي ترجيح تقديره مؤخّرا ، وما يقتضي إيجابه ، فالأوّل نحو : في الدار زيد ، لأنّ المحذوف هو الخبر ، وأصله أن يتأخّر عن المبتدإ ، والثاني نحو : إنّ في الدار زيدا ، لأنّ أنّ لا يليها مرفوعها ، ويلزم من قدّر المتعلّق فعلا أن يقدّره مؤخّرا في جميع المسائل ، لأنّ الخبر إذا كان فعلا لا يتقدّم على المبتدإ ، قاله ابن هشام في المغني. وقال في موضع آخر : يحتمل تقديره في نحو : في الدار زيد مقدّما لمعارضة أصل آخر ، وهو إنّه عامل في الظرف ، وأصل العامل أن يتقدّم على المعمول.
«وإذا كان» أحدهما أي الجارّ والمجرور والظرف «كذلك» أي صفة أو صلة أو خبرا أو حالا «أو اعتمد على نفي» بحرف أو فعل «أو استفهام جاز أن يرفع الفاعل» ظاهرا كان أو مضمرا ، نحو : مررت برجل في كمّه أو معه صقر ، و «جاء الّذي في الدار» أو عندك «أبوه» ، وزيد في الدار أو عندك أبوه ، وجاء زيد في كمّه أو معه صقر «وما» أو ليس في الدار أو «عندي أحد و (أَفِي اللهِ شَكٌّ») [إبراهيم / ١٠] ، أو أعندك أحد.