أخواتها ، وهو أنّ الكاف المتصرّفة كانت متّصلة ، فأرادوا استقلالها لفظا لتصير منفصلة ، فجعلوا إيّا عمادا لها ، قال الرضيّ : ما أرى هذا القول بعيدا من الصواب (١) في الموضعين.
قال بعض المتقدّمين : إنّ أنا مركّب من ألف أقوم ونون نقوم ، وأنت مركّب من ألف أقوم ونون نقوم وتاء تقوم ، ووهاه أبو حيّان ، والعجب من المصنّف كيف ينقل الوفاق هنا ، وأكثر كتب القوم ناطقة بالخلاف ، وقد سبقه على نقله صاحب الوافي أيضا ، واعترضه الدمامينيّ في شرحه بما ذكرناه ، ثمّ قال فإن قلت : لعلّ مراده اتّفاق البصريّين ، كما حمل عليه صاحب العباب عبارة اللباب حيث قيل في : وكذا اللواحق بإيّا إجماعا ، فقال : المراد إجماع البصريّين ، قلت : هذا لا يدفع الاعتراض ، فإنّ ابن كيسان من البصريّين ، وهو قائل بأنّ التاء في أنت هي الاسم ، وهي الّتي في نحو : قمت ، ولكنّها كثرت بأن نقله جماعة من الثقات عنه ، فلا إجماع من الكلّ ولا من البصريّين.
تنبيه : قضية اقتصار المصنّف على أنّ الاسميّة ضمير المخاطب أنّها لا تكون ضمير المتكلّم فيكون اختياره في أنا أنّ الضمير هو المجموع ، وهو مذهب الكوفيّين ، واختاره ابن مالك بدليل إثبات الألف وصلا في لغة ، ومذهب البصريّين أنّ الضمير إنّما هو أن تفتح وصلا ، ويؤتي بالألف وقفا لبيان الحركة كهاء السكت ، ولذلك تعاقبها كقول حاتم : هذا فزدي أنه ، وليست الألف من الضمير ، وقال الكوفيّون : الهاء في أنه بدل من الألف ، وحكي قطرب أنّ بعض العرب يقول : أن فعلت ، بسكون النون وصلا ووقفا ، أي أنا فعلت.
والحرفيّة ترد على أربعة أوجه :
أحدها : أن تكون ناصبة للمضارع ، وقد مرّ ذكرها في الحديقة الثالثة فيما يتعلّق بالأفعال.
الثاني : أن تكون مخفّفة من أنّ المثقّلة ، أي المفتوحة الهمزة المشدّدة النون ، فتقع بعد فعل لليقين ، أو ما نزّل مترلته من الظنّ بتأويل أن يكون غالبا متاخما للعلم ، انذارا من أوّل الأمر بأنّها ليست الناصبة للمضارع ، لأنّ إلى قين وما نزّل مترلته بالمخفّفة الّتي فائدتها التحقيق أنسب ، نحو : (أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً) [طه / ٨٩] ، (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى ،) [المزمل / ٢٠] ، (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ ،) [المائدة / ٧١] فيمن رفع تكون ، وقوله [من الكامل] :
٩١٢ ـ زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا |
|
أبشر بطول سلامة يا مربع (٢) |
__________________
(١) سقط من الصواب في «ح».
(٢) هو لجرير بن عطيّة.