أيّ الرجلين عندك؟ وأيّهما عندك؟ وأيّ الغلامين أو أيّهما جاءك فأكرمه ، وأيّ الرجال أو أيّهم عندك؟ وأيّ الرجال جاءك فأكرمه ، وأيّ زيد أحسن؟ أي أيّ أجزائه ، وأيّ زيد رأيت أعجبني ، تقديره أيّ أجزاءه ، وأيّ زيد وأيّ عمرو جاءك؟ وأيّ بكر وأيّ خالد جاءك فأكرمه ، لأنّ المعنى حينئذ أيّهما جاءك ، كلّ ذلك يصحّ فيها معنى البعضيّة.
«و» الثالث : أن تكون «دالّة على معنى الكمال» ، فيقع صفة لنكرة مذكورة غالبة ، ويلزم إضافتها لفظا ومعنى إلى ما يماثل موصوفها لفظا ومعنى ، «نحو : مررت برجل أيّ رجل». قال ابن المالك : أو معنى لا لفظا ، نحو : مررت برجل أيّ انسان ، قيل : وإنّما قاله بمحض القياس ، ولا يعلم له فيه سماع. قال الفارسىّ : إذا قلت : مررت برجل أيّ رجل ، فرجل الأوّل غير الثانى ، لأنّ الأوّل واحد ، والثانى جنس ، لأنّ أيّا بعض ما يضاف إليه ، انتهى.
ودلالتها على معنى الكمال باعتبار ما تضاف إليه ، فإن أضيفت إلى مشتقّ من صفة يمكن المدح بها كقولك : مررت بفارس أيّ فارس ، فهي للكمال في الفروسيّة ، والثناء على الموصف خاصّ بهذه الجهة ، وإن أضيفت إلى غير مشتقّ كما في قولك : مررت برجل أيّ رجل ، فهى للكمال في الرجوليّة والثناء على الموصوف بكلّ ما يمدح به الرجل.
وفى شرح الحاجبيّة لنجم الدين سعيد معنى قولك : مررت برجل أيّ رجل ، وصف الرجل بكمال الرجوليّة ، قيل : فيه معنى التعجّب ، لأنّ المتعجّب إنّما يتعجّب من شيء خارج عن حدّ أشكاله ، فإذا خرج عن حدّها فقد استبهم أمره ، فيؤتى بكلمة الإبهام ، ومعناه برجل قد انتهى في كماله في الرجوليّة إلى حدّ يجب أن يستفهم عنه لخفاء سببه ، قال : وعبارتهم في تقرير معناه تدلّ على أنّ أيّا استفهاميّة ، لكن الاستفهام لا يجامع الوصف ، فالوجه أن يحمل على أنّها فى الأصل استفهاميّة ، لا أنّها الآن استفهاميّة ، واشترط أن تضاف إلى مثل المنعوت ، لأنّ المراد بها بيان كماله في الخصلة الدالّ هو عليها من الرجوليّة ونحوها ، فلا يجوز : جاء رجل أيّ عالم ، انتهى.
وإنّما لم يوصف بها المعرفة ، لأنّها لو أضيفت إلى معرفة كانت بعضا ممّا تضاف إليه ، وذلك لا يتصوّر في الصفة ، وقد يحذف موصوفها النكرة كقوله [من الطويل] :
٩٦٣ ـ إذا حارب الحجّاج أيّ منافق |
|
... (١) |
__________________
(١) تمامه «علاه بسيف كلّما هزّ يقطع» ، وهو للفرزدق. اللغة : هزّ : حرّك.