أى منافقا أىّ منافق ، وهذا في غاية الندور ، لأنّ المقصود بالوصف بأيّ التعظيم ، والحذف مناف لذلك.
وذكر ابن مالك أنّ أيّا عند دلالتها على الكمال تقع حالا بعد المعرفة ، كقوله [من الطويل] :
٩٦٤ ـ فأومأت إيماء خفيّا لحبتر |
|
ولله عينا حبتر أيّما فتى (١) |
أنشده بنصب أيّ على الحال. قال أبو حيّان : ولم يذكر أصحابنا وقوعها حالا ، وأنشدوا البيت برفع أيّما على الابتداء ، والخبر محذوف ، والتقدير أيّ فتى هو. وأجاز الأخفش وقوعها نكرة موصوفة قياسا على من وما ، نحو : مررت بأيّ ، والجمهور على منعه لعدم ورود السماع به.
«و» الرابع : أن تكون «وصلة لنداء ذي اللام» ، نحو : يا أيّها الرجل ، وذلك أنّهم استكرهوا اجتماع أداتي تعريف ، وإن كان في إحداهما من الفائدة ما ليس في الأخرى كما تقدّم ، فحاولوا أن يفصلوا بينهما باسم مبهم يحتاج إلى ما يزيل إبهامه ، فيصير المنادى في الظاهر ذلك المبهم ، وفي الحقيقة ذلك المخصّص الّذى يزيل الإبهام ، ويعيّن الماهية ، فوجدوا ذلك الاسم أيّا ، إذا قطع عن الإضافة ، واسم الاشاره ، حيث وضعا مبهمين مشروطا إزالة إبهامها ، إلا أنّ أيّا أجدر بهذا الغرض ، لأنّها أحوج إلى الوصف من اسم الإشارة ، لأنّها وضعت مبهمة ، وإنّما يزال إبهامها باسم بعدها بخلاف اسم الإشارة ، فإنّ إبهامه كما يزال بالوصف يزال بالإشارة الحسيّة أيضا ، فلهذا جاز يا هذا ، ولم يجز يا أيّ ، والتزموا بعدها هاء التنبيه تنبيها على أنّ المنادى الحقيقيّ ما بعدها.
قيل : وللتعويض عن مضافها المحذوف ، وحكمها الفتح عند أكثر العرب ، ويجوز ضمّها فى لغة بني أسد (٢) وقرئ بالسبع : (يا أَيُّهَا السَّاحِرُ) [الزخرف / ٤٩] ، وقيل : إنّ هاء التنبيه فى يا أيّها الرجل ، ليست متّصلة بأيّ ، بل منقولة من اسم الإشارة ، والأصل يا أيّهذا الرجل ، فأيّ منادى ، ليس بموصوف ، وهذا الرجل استئناف بتقدير هو لبيان إبهامه وحذف ذا اكتفاء بها منها لدلالة الرجل عليها ، وعليه الكوفيّون.
وزعم الأخفش أنّ أيّا لا يكون وصلة ، وأنّ هذه موصولة ، حذف صدر صلتها ، وهو العائد ، والمعنى يا من هو الرجل. قال ابن هشام : ويردّه أنّه ليس لنا عائد يجب حذفه ، ولا موصول التزم كون صلته جملة اسميّة ، وله أن يجيب عنها بأنّ ما في قولهم : لا سيّما زيد بالرفع كذلك ، انتهى.
__________________
(١) هو للراعي النميرىّ. اللغة : أومأت : أشرت باليد أو بالحاجب أو نحوهما.
(٢) قبيلة من ربيعة من عرب الشمال أو العدنانيون.