فيمن جرّ مثلا والمعطوف ، والصحيح أنّ النصب بأن ، وأنّ الجرّ بربّ مضمرين كما مرّ.
ترد الفاء على وجهين :
أحدهما : أن تكون «رابطة للجواب» أى جواب الشرط ، بالشرط متعلّق برابطة ، «الممتنع» صفة للجواب ، «جعله شرطا» ، وأمّا غير الممتنع جعله شرطا فلا حاجة فيه إلى رابطة بينه وبين الشرط ، لأنّ بينهما مناسبة لفظيّة من حيث صلاحيّة وقوعه موقعه. وحصر ذلك أى امتناع جعل الجواب شرطا في ستّة مواضع ، مرّ ذكره في حديقة الأفعال ، فليرجع إليه.
فإن قلت : هذا الضابط الّذى ذكر المصنّف ينتقض بنحو : (وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) [المائدة / ٩٥] ، لدخول الفاء على الجواب مع صحّة جعله شرطا وبالمضارع المقرون بلا ، فقد جعلوه ممّا يجوز الإتيان بالفاء وتركه كقوله تعالى : (إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ) [فاطر / ١٤] ، قوله تعالى : (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً) [الجن / ١٣] ، قلت : قد أجابوا عن الأوّل بأنّ الفاء إنّما دخلت لتقدير الجملة الفعليّة خبرا لمبتدإ محذوف ، وحينئذ فالجواب جملة اسميّة ، وهو أحد المواضع الّتي يمتنع جعل الجواب فيها شرطا ، والجواب عن الثاني بأنّ لا تستعمل تارة لنفي المستقبل ، وتارة لمجرّد النفي ، وعلى التقدير الأوّل لا يصحّ مجامعتها لحرف الشرط ، فتجيء الفاء (١) ، وعلى الثاني يمكن مجامعتها لحرف الشرط ، فتمتنع الفاء ، كذا قيل. وقد تقدّم أنّ ابن مالك يقدّر الجملة خبرا لمبتدإ محذوف في كلّ ما لم يمتنع جعله شرطا واقترنه بالفاء ، ولم يفرق بين المضارع المقرون بلا وغيره ، قال : ومن ذلك قوله تعالى : (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً ،) ومثله قراءة حمزة : (أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى) [البقرة / ٢٨٢].
«و» كما ترد الفاء لربط جواب الشرط بالشرط ، ترد «لربط شبه الجواب» ، وهو ما كان مضمونه لازما لمذكور يشبه الشرط ، وهو ما كان مضمونه ملزوما لمذكور ، وذلك في المبتدإ إذا كان موصولا بفعل ، نحو : الّذي يأتينى فله درهم ، أو بظرف ، نحو : الّذى في الدار فله درهم ، أو موصوفا بأحدهما ، نحو : رجل يسعى في نجاته فلن يخيب ، ورجل عنده حزم فسعيد ، أو بالموصول بأحدهما ، نحو : الرجل الّذي يأتيني أو في الدار فله
__________________
(٢) في «ط» من على التقدير الأوّل حتّى هنا سقط.