قوله [من الكامل] :
١٠٠٤ ـ لا يلفك الراجيك إلا مظهرا |
|
خلق الكرام ولو تكون عديما (١) |
وإذا وليها حينئذ ماض أوّل بالمستقبل ، نحو : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا) [النساء / ٩] ، وقيل قول توبة [من الطويل] :
١٠٠٥ ـ ولو أنّ ليلى الأخيليه سلّمت |
|
عليّ ودوني جندل وصفائح |
لسلّمت تسليم البشاشة أوزقا |
|
إليها صدى من جانب القبر صائح (٢) |
زقا بزاء وقاف : صاح ، والصدى هنا طائر يخرج من رأس المقتول ، إذا بلى بزعم الجاهلية ، ويتصحّف على كثير زقا برقا براء مهملة ، والصواب ما ذكرناه ، من غريب ما يحكى أنّ ليلى الأخيلية هذه مرّت بقبر توبة صاحب هذا الشعر فوقفت عليه ، وسلّمت ، وقالت : لم أعهدك يا توبة كاذبا ألست القائل [من الطويل] :
١٠٠٦ ـ ولو أنّ ليلى الأخيليّه سلّمت |
|
... (٣) |
وقد سلّمت فأين ما قلت؟ فبينا هي كذلك إذا طائر كان هناك فأحسّ بالبعير ففرّ طائرا يصيح ، فنفر البعير ، فسقطت ليلى من عليه ميتة ، ودفنت إلى جانبه.
وأنكر ابن الحاج مجيئها للتعليق في المستقبل ، قال في نقده على المقرّب : والقاطع بذلك أنّك لا تقول : لو يقوم زيد فعمرو منطلق ، كما تقول : إن يقم زيد فعمرو منطلق.
وقال بدر الدين بن مالك : عندي أنّها لا تكون لغير الشرط في الماضي ، وما تمسّكوا به من نحو قوله تعالى : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا) [النساء / ٩] وقول الشاعر [من الطويل] :
١٠٠٧ ـ ولو أنّ ليلى الأخيلية سلّمت |
|
... (٤) |
لا حجّة فيه لصحّة حمله على المعنى ، وردّ بأنّ الحمل على المعنى ممكن في بعض المواضع دون بعض ، فممّا أمكن فيه قوله تعالى : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا) إذ لا يستحيل أن يقال : لو شارفت فيما مضى إنّك تخلف ذريّة ضعافا لخفت عليهم ، لكنّك لم تشارف ذلك فيما مضى ، وممّا لا يمكن فيه ذلك قوله : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) [يوسف / ١٧] ، لاستحالة أن يراد ولو كنّا صادقين فيما مضى ، ما أنت بمصدّق لنا لكنّا لم نصدّق.
__________________
(١) لم يسمّ قائله. اللغة : يلفك : من ألفى إذا وجد ، العديم : المعدم الّذي لا يملك شيئا.
(٢) هما لتوبة بن الحمير : اللغة : الجندل : الحجر ، الصفائح : الحجارة العريضة الّتي تكون على القبر ، البشاشه : طلاقه الوجه ، زقا : صاح ، الصدى : ذكر البوم ، أو هو ما تسمعه في الجبال كترديد لصوتك.
(٣) تقدم برقم ١٠٠٥.
(٤) تقدم برقم ١٠٠٥ و ١٠٠٦.