قال ابن هشام : وكون لو بمعنى إن قاله كثير من النحويّين في نحو : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) [يوسف / ١٧] ، (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [الصف / ٩] ، (قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ) [المائدة / ١٠٠] ، (وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) [البقرة / ٢٢١] ، (وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَ) [الأحزاب / ٥٢] ونحو : أعطوا السائل ولو جاء على فرس (١) ، وقوله [من البسيط] :
١٠٠٨ ـ قوم إذا حاربوا شدّوا مآزرهم |
|
دون النساء ولو باتت بأطهار (٢) |
وأمّا نحو : (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) [الأنعام / ٢٧] ، (أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ) [الأعراف / ١٠٠] ، وقول كعب [من البسيط] :
١٠٠٩ ـ ... |
|
أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل (٣) |
فمن القسم الأوّل ، لا من هذا القسم ، لأنّ المضارع في ذلك مراد به المضىّ ، وتقرير ذلك أن تعلم أنّ خاصية لو فرض ما ليس بواقع واقعا ، ومن ثمّ انتفى شرطها في الماضي والحال ، لما ثبت من كون متعلّقها غير واقع ، وخاصية إن تعليق أمر بأمر مستقبل محتمل ، ولا دلالة لها على حكم شرطها في الماضي والحال ، فعلى هذا قوله [من البسيط] :
١٠١٠ ـ ... |
|
... ولو باتت بأطهار (٤) |
يتعيّن فيه معنى إن ، لأنّه خبر عن أمر مستقبل محتمل ، أمّا استقباله فلأنّ جوابه محذوف دلّ عليه شدّوا ، وشدّوا مستقبل ، لأنّه جواب إذا ، وأمّا احتماله فظاهر ، ولا يمكن جعلها امتناعية للاستقبال والاحتمال ، ولأنّ المقصود تحقّق ثبوت الطهر لا امتناعه ، وأمّا قوله [من الطويل] :
١٠١١ ـ لو تلتقى ... |
|
... (٥) |
وقوله [من الطويل] :
١٠١٢ ـ ولو أنّ ليلى ... |
|
... (٦) |
فيحتمل أنّ «لو» فيهما بمعنى «أن» على أنّ المراد مجرّد الإخبار بوجود ذلك عند وجود هذه الأمور في المستقبل ، ويحتمل أنّها على بابها ، وأنّ المقصود فرض هذه الأمور واقعة ، والحكم عليها مع العلم بعدم وقوعها.
__________________
(١) نهج الفصاحة ص ٦٧ ، رقم ٣٤٧.
(٢) هو للأخطل. اللغة : المآزر : جمع المئزر بمعنى الإزار.
(٣) صدره «لقد أقوم مقاما لو يقوم به» ، وهو من قصيدة بانت سعاد.
(٤) تقدم برقم ١٠٠٨.
(٥) تقدم برقم ١٠٠٣.
(٦) تقدم برقم ١٠٠٧.