بعد لولا ، كما لا يأتون بالخبر ، وزعم ابن الطراوة أنّ جواب لو لا أبدا هو خبر المبتدأ ، ويردّه أنّه لا رابط بينهما.
تنبيهات : الأوّل : إذا ولي لو لا مضمر فحقّه أن يكون ضمير رفع ، نحو : (لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ) [سبأ / ٣١] ، وسمع قليلا لولاي ولولاك ولولاه خلافا للمبرّد ، قال الشلوبين : اتّفق أئمة البصريّين على أنّهم يقولون ذلك ، فإنكار المبرّد هذيان.
ثمّ قال سيبويه والجمهور : هي جارّة للضمير ، واختصّت بجرّه ، وكما اختصّت الكاف وحتّى بجرّ الظاهر ، ولا جائز أن يكون مرفوعا ، لأنّها ليست ضمائر رفع ولا منصوبا ، وإلا لجاز وصلها بنون الوقاية مع ياء المتكلّم كالياء المتّصلة بالحرف ، ولأنّه كان حقّها أن تجرّ الاسم مطلقا لاختصاصها به ، لكن منع من ذلك تشبيهها بما اختصّ بالفعل من أدوات الشرط في ربط جملة بجملة فأرادوا التنبيه على موجب العمل فجرّوا بها المضمر ، ولا تتعلّق بشيء ، وموضع المجرور بما رفع في الابتداء ، والخبر محذوف.
وقال الأخفش والكوفيّون : الضمير مبتدأ ، ولو لا غير جارّة ، ولكنّهم أنابوا الضمير المجرور عن المرفوع كما عكسوا ، إذ قالوا : ما أنا كأنت ، ولا أنت كأنا ، وردّ بأنّ إنابة ضمير عن ضمير أنّما وقعت في الضمائر المنفصلة لشبهها في استقلالها بالأسماء الظاهرة ، وإذا عطف عليه اسم ظاهر نحو لولاك وزيد ، تعيّن رفعه ، لأنّها لا تجرّ الظاهر.
الثاني : يجوز أن يليها أنّ الثقلية أو المخفّفة منها أو الناصبة ، نحو : (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ) [الصافات / ١٤٣] ، (لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا) [القصص / ٨٢] ، و (لَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا) [الزخرف / ٣٣] ، قال في المغني : وتصير أن وصلتها مبتدأ محذوف الخبر وجوبا ، أو مبتدأ لا خبر له ، أو فاعلا بثبت محذوفا على الخلاف السابق في لو.
الثالث : جوابها كجواب لو إمّا مضارع منفيّ بلم كقوله [من الطويل] :
١٠٢٤ ـ ... |
|
ولولاك لم يعرض لأحسابنا حسن (١) |
أو ماض منفيّ بما ونحو : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً) [النور / ٢١] ، أو ماض مثبت ، ولم تجئ في القرآن بغير اللام نحو : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ) [النور / ١٤] ، واختلف كلام
__________________
(١) صدره «أتطمع فينا من أراق دماءنا» ، وهو لعمرو بن العاص يقوله لمعاوية بن أبي سفيان ، اللغة : أراق : أسال ، الأحساب : جمع حسب ، وهو كلّ ما يعدّه المرء من مفاخر قومه.