الدمامينيّ في المنهل ، أو كان الجارّ حرفا ، نحو : فيم وإلام وعلام وبم ، وقال [من الطويل] :
١٠٤٠ ـ فتلك ولاة السوء قد طال مكثهم |
|
فحتّام حّتام العناء المطوّل (١) |
وربّما تبعت الفتحة الألف في الحذف ، وهو مخصوص بالشعر كقوله [من الرمل] :
١٠٤١ ـ با أبا الأسود لم خلّفتنى |
|
لهموم طارقات وذكر (٢) |
اختلف في علّة حذف الألف ، فقال ابن عقيل وغيره : التخفيف لكثرة الاستعمال ، وقال جماعه : علّته الفرق بين الاستفهام والخبر ، فلهذا حذفت في نحو : (فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها) [النازعات / ٤٣] ، (فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) [النمل / ٣٥] ، (لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ) [الصف / ٢] ، وثبتت في : (لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ) [النور / ١٤] ، (يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) [البقرة / ٤] ، (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَ) [ص / ٧٥] ، وإنّما لم يعكس ، لأنّ ما الموصولة أكثر ، فأجري التكثير على الأصل من الإثبات ، وقال الرضيّ : علّته أنّ لما الاستفهاميّة صدر الكلام ، ولم يمكن تأخّر الجارّ عليها ، فقدّم عليها ، وركّب معها ، حتّى يصير المجموع ككلمة موضوعة للاستفهام ، فلا يسقط الاستفهام عن مرتبة التصدّر ، وجعل حذف الألف دليل التركيب ، ولم يحذف آخر من وكم الاستفهاميّتين مجرورتين لكونه صحيحا ، ولا آخر أيّ لجريه مجرى الصحيح في تحمّل الحركات ، انتهى.
وثبوت الألف في هذه الحالة قليل شاذّ كقراءة عكرمة وعيسى : عما يتساءلون [النباء / ١] ، وأمّا قول حسان [من الوافر] :
١٠٤٢ ـ على ما قام يشتمني لئيم |
|
كخترير تمرّغ في دمان (٣) |
فضرورة ، والدّمان كالرماد زنة ومعنى ، ولا يجوز حمل القراءة المتواترة على ذلك لضعفه ، ولهذا ردّ الزمخشريّ على من زعم أنّ ما في قوله تعالى : (فَبِما أَغْوَيْتَنِي) [الأعراف / ١٦] استفهاميّة ، لكنّه ناقض هذا حيث جوّز هو كونها فى : (بِما غَفَرَ لِي رَبِّي) [يس / ٢٧] ، استفهاميّة ، وإنّما لم تحذف الألف في نحو : لماذا فعلت ، لأنّ الألف هنا صارت حشوا بالتركيب ، فاشبهت الموصولة.
«والحرفيّة ترد» على أربعة أوجه :
__________________
(١) هو للكميت بن زيد. اللغة : الولاه : جمع وال ، العناء : المشقّة والتعب.
(٢) لم يسمّ قائله. اللغة : خلّف : أخّر ، الهموم : جمع همّ وهو الحزن ، الطارقات : جمع الطارقة وهو الأتى ليلا.
(٣) اللغة : يشتمنى : يسبّنى ، تمرّغ : تقلّب.