الثانى : «عدم الدخول على العاطف» ، وإنّما يقع بعده نحو : (فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ) [الأحقاف / ٣٥] ، وفي الحديث : هل ترك لنا عقيل من رباع (١). وقال الشاعر [من الطويل] :
١٠٧١ ـ وهل أنا إلا من غيّة إن غوت |
|
غويت وإن ترشد غزيّة أرشد (٢) |
وقال [من الخفيف] :
١٠٧٢ ـ ليت شعري هل ثمّ هل آتينهم |
|
... (٣) |
بخلاف الهمزة ، فإنّها تدخل على العاطف ، نحو : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا) [غافر / ٨٢] ، (أَفَلا تَعْقِلُونَ) [البقرة / ٧٦] ، (أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ) [يونس / ٥١].
وهذا حكم اختصّت به الهمزة دون سائر أخواتها تنبيها على إصالتها ، وباقي الأدوات كهل فلا تدخل على العاطف ، بل تتأخّر عنه ، كما هو قياس جميع أجزاء الجملة المعطوفة ، نحو : (وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ) [آل عمران / ١٠١] ، (فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ) [التكوير / ٢٦] ، (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) [الأنعام / ٩٥] ، (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ) [الأنعام / ٨١] ، (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ) [النساء / ٨٨].
هذا مذهب سيبويه والجمهور ، وخالفهم جماعة أوّلهم الزمخشريّ ، فزعموا أنّ الهمزة في المواضع المذكورة ونحوهما في محلّها الأصليّ ، وأنّ العطف على جملة مقدّرة بينها وبين العاطف محافظة على إقرار حرف العطف على حالة من غير تقديم ولا تأخير فيقدّرون في : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا) [غافر / ٨٢] ، وفي (أَفَلا تَعْقِلُونَ) [البقرة / ٧٦] ، امكثوا أفلم يسيروا ، أتجهلون فلا تعقلون. قال أبو حيّان : وهو تقدير ما لا دليل عليه من غير حاجة ، وقال ابن هشام : يضعفه ما فيه من التكلّف ، وأنّه غير مطّرد.
الثالث : عدم الدخول على الشرط بخلاف الهمزة بدليل : (أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) [الأنبياء / ٣٤].
الرابع : عدم الدخول على اسم بعده فعل اختيارا (٤) ، ولذلك وجب النصب في نحو :
هل زيدا ضربته؟ لأنّ هل إذا كان في خبرها فعل وجب إيلاؤها إيّاه ، فلا يقال : هل زيد قام ، إلا في ضرورة خلافا للكسائيّ في تجويز إيّاه اختيارا (٥) ، قال الشاعر [من البسيط] :
١٠٧٣ ـ أم هل كبير بكى لم يقض عبرته |
|
... (٦) |
__________________
(١) البخاري ، كتاب الحج ص ١١١. عقيل ابن أبي طالب هو شقيق الإمام على (ع). الرباع : المنازل.
(٢) هو لدريد ابن الصم. اللغة : غزيّة : قبيلة ، غوت : أمعنت فى الضلال.
(٣) تمامه «أو يحولنّ من دون ذلك حمام» ، وهو للكميت بن زيد. اللغة : الحمام : الموت.
(٤) أي هذا هو المذهب المختار عند النحاة ، لأنّه أولى.
(٥) سقط اختيارا في «ط».
(٦) تمامه «إثر الأحبّة يوم البين مشكوم» ، وهو لعلقمة الفحل. اللغة : البين : الفراق.