تكون الحال هي الجملة الاسميّة يعني فتزول من تصدير الحال بدليل الاستقبال ، لأنّ الحال حينئذ اثبات (١) اتّصاف صاحبها بمضمون الخبر الّذي هو الجملة الشرطيّة له ، وهو مقارن لزمن العامل ، فلا إشكال.
وقال صاحب الوافي : يجب تصدير الشرطيّة بضمير ذي الحال إلا عند انسلاخ معنى الشرط ، نحو : أنا آتيك إن أتيتني وإن لم تأتني ، وأكرمه وإن شتمك ، واطلبه ولو بالصين ، انتهى. قال شارحه : إذ المعنى في المثال الأوّل : آتيك على كلّ حال ، وإلا فكيف يصحّ أن يكون الشئ مشروطا بأمرين متناقضين ، وكلمة أن في هذا الموضع لا تكون لقصد التعليق والاستقبال ، وكذا كلمة لو لا تكون لانتفاء الشيء لانتفاء غيره ولا للمضيّ ، بل المعنى معها ثبوت الحكم ألبتّة ، انتهى.
والواو في المثالين الأخيرين قيل : حالية ، والمعنى : أكرمه وإن كان الحال أنّه شتمك ، واطلب العلم لو لم يكن بالصين ، ولو كان بالصين ، فهما كالمثال الأوّل ، وصوّبه ابن هشام في شرح «بانت سعاد» وقيل : اعتراضيّة ، وفيه نظر ، وفي البسيط أنّ الشرطيّة تقع حالا ، نحو : افعل هذا إن جاء زيد ، فقيل : تلزم الواو ، وقيل : لا تلزم ، وهو قول ابن جنيّ ، وفي الهمع ومن الخبريّة الشرطيّة ، فتقع حالا خلافا للمطرزيّ ، انتهى.
قال الهواريّ (٢) : إذا نظرت إلى قياس قولهم في الحال المقدّرة اقتضى أن يجوز تصدير الجملة الحالية بحرف الاستقبال ، وتكون الجملة حالا مقدّرة ، إذ الحال المقدّرة (٣) إنّما هي صفة مستقبلة يتقدّر وقوعها ، انتهى ، فتدبّر.
والشرط الثالث أنّه لا بدّ لها من رابط يربطها بما هي حال منه لما مرّ (٤) ، فالجملة الاسميّة تربط بالواو والضمير جميعا اعتناء بشأن الربط من حيث عدم دلالتها على عدم ثبوت الّذي هو من شأن الحال وظهور الاستئناف فيها ، فحسن زيادة رابط ، نحو قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ) [البقرة / ٢٤٣] ، (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) [النساء / ٤٣] ، «أو بأحدهما» أي الواو فقط ، نحو : (لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ) [يوسف / ١٤] ، وجاء زيد والشمس طالعة ، وإنّما جعلت الواو
__________________
(١) «حينئذ إثبات» سقط في «س».
(٢) محمد بن أحمد الأندلسيّ الهواريّ ، شاعر ، عالم بالعربية ، من كتبه «شرح الفية ابن مالك» و «شرح ألفيه ابن جابر» مات سنة ٧٨٠ ه. المصدر السابق ، ٦ / ٢٢٥.
(٣) سقطت «إذا الحال المقدّرة» في «ح».
(٤) يقول الزمخشري : ويجوز إخلاء هذه الجملة عن الراجع إلى ذي الحال إجراء لها مجري الظرف ، لانعقاد الشبه بين الحال وبينه ، تقول : «أتيتك وزيد قاتم» ، و «لقيتك والجيش قادم». المفصل في صنعة الإعراب ، ص ٩٨.