لا تدخل هنا ، لأنّ المؤكّد نفس المؤكّد في المعنى ، ولو دخلت الواو لكان في صورة عطف الشيء على نفسه ، قاله في الأوضح ، وشرحه ، وهو وارد على قضية كلام المصنّف (ره).
«و» الجملة «الفعلية إن كانت مبدوّة بمضارع مثبت بدون قد فتربط بالضمير وحده ، نحو : جاء زيد يسرع» ، وقوله تعالى : (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) [المدثر ٦] ، أي لا تعط حال كونك تعدّ ما تعطيه كثيرا ، وتمتنع الواو ، لأنّه مترّل مترلة اسم الفاعل في المعنى ، وجار عليه في الحركات والسكون ، فاجري مجراه في امتناع الواو ، وأمّا ما جاء مع الواو من نحو : قمت وأصكّ وجه ، وقوله [من المتقارب] :
٨٣٤ ـ ... |
|
نجوت وأرهنهم مالكا (١) |
فقيل : على حذف المبتدإ ، والواو داخلة على جملة اسميّة ، أي وأنا أصكّ ، وأنا أرهنهم.
وقال الشيخ عبد القاهر : الواو فيها للعطف لا للحال ، والأصل : قمت وصككت ورهنت ، عدل عن لفظ الماضي إلى لفظ المضارع حكاية للحال الماضية ، ومعناها أن يفرض أنّ ما كان من زمان الماضي واقع في هذا الزمان فيعبّر عنه بلفظ المضارع.
«أو معها» أي مع قد فتربط بالضمير «مع الواو» وجوبا ، «نحو قوله تعالى : (لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ») [الصف / ٥] ، فجملة تعلمون حال من الواو في تؤذونني ، «وإلا» تكن الجملة الفعلية مبدوّة بمضارع مثبت ، بل كانت مبدوّة بمضارع منفيّ أو بماض مثبت أو منفيّ فكالجملة «الاسميّة» في أنّها تربط بالواو والضمير معا أو بأحدهما ، وهذا يقتضي جواز الأوجه الثلاثة في ذلك كلّه ، وليس على إطلاقه ، فلا بدّ من بيانه إمّا المبدوّة بالمضارع المنفيّ ، فإن كان النافي لا فهو كالمثبت في لزوم الضمير والتجرّد عن الواو نحو : (وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ) [المائدة / ٨٤].
فإن ورد بالواو قدّر مبتدأ على الأصحّ كقراءة ابن ذكوان (٢) : (فَاسْتَقِيما وَلا تَتَّبِعانِ) [يونس / ٨٩] بتخفيف النون ، نصّ على ذلك في التسهيل ، وجعل بعضهم ترك الواو أكثريّا ، والظاهر عدم التاويل ، وإن كان النافي غيرها جازت الأوجه الثلاثة ، والمسموع من ذلك لم ولما وما ، والقياس يقتضي إلحاق إن ، وأمّا لن فحرف استقبال ، لا مدخل له هنا.
__________________
(١) صدره «فلمّا خشيت أظافيرهم» ، وهو لعبد الله بن همام السلولي. اللغة : الأظافير : جمع أظفور وهو ماده قرنية في أطراف الأصابع ، والمراد هنا منه الأسلحة ، نجوت : أراد تخلّصت منهم.
(٢) القاسم بن اسماعيل أبو ذكوان الراوية ، كان علّامة أخباريا ، وله كتاب معاني الشعر ، بغية الوعاة ٢ / ٢٥١.