مضاف اليها ، والثانية مبتدأ بها» (١). وذكر أنّ من الترديد نوعا يسمى الترديد المتعدد «وهو أن يتردد حرف من حروف المعاني إما مرة أو مرارا وهو الذي يتغير فيه مفهوم المسمى لتغير الاسم إما لتغاير الاتصال أو تغاير ما يتعلق بالاسم» (٢) ومثال هذا النوع قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ)(٣) فان اتصال «من» بضمير المخاطبين الغائبين في الموضعين مع ما تضمنت «من» من معنى الشرط أصارت المؤمنين كافرين عند وقوع الشرط ، وقد يتردد حرف الجر في الجملة من الكلام والبيت من الشعر مرارا عدة في جمل متغايرة ، ومثاله قول الشاعر :
يريك في الرّوع بدرا لاح في غسق |
فليث عرّيسة في صورة الرجل |
وربما كان المتردد غير حرف الجر كحرف النداء أو غيره ومثاله قول المتنبي :
يا بدر يا بحر يا غمامة يا |
ليث الشّرى يا حمام يا رجل |
ومثال المتردد من الجمل غير المتعددة قول أبي نواس :
صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها |
لو مسّها حجر مسّته سرّاء |
فقوله : «مسّها» و «مسته» ترديد حسن.
ومن الترديد نوع آخر ذكره المصري وهو «ترديد الحبك» ويسمى بيته المحبوك وهو «أن تبني البيت من جمل ترد فيه كلمة من الجملة الأولى في الجملة الثانية وكلمة من الثالثة في الرابعة بحيث تكون كل جملتين في قسم ، والجملتان الأخيرتان غير الجملتين الاوليين في الصورة ، والجمل كلها سواء في المعنى» (٤).
كقول زهير :
يطعنهم ما ارتموا حتى إذا اطّعنوا |
ضارب حتى إذا ما ضاربوا اعتنقا |
قد ردد كلمة من الجملة الأولى في الجملة الثانية ، وردد كلمة من الجملة الثالثة في الجملة الرابعة ثنتان في كل قسم ، وكل جملتين متفقتان في الصورة غير أنّهما مختلفتان إذا نظرت الى كل قسم وجملته وإن اشتركا في المعنى فانّ صورة الطعن غير صورة الضرب ، ومعنى الجميع واحد وهو الحماسة في الحرب.
وذكر المظفر العلوي وابن مالك والنويري والحلبي وابن الاثير الحلبي والعلوي والسبكي والزركشي والسيوطي والمدني كلام السابقين (٥). وقال الحموي : «إنّ الترديد والتكرار ليس تحتهما كبير أمر ولا بينهما وبين أنواع البديع قرب ولا نسبة لانحطاط قدرهما عن ذلك ولو لا المعارضة ما تعرضت لهما في بديعيتي. ولكن ذكر زكي الدين بن أبي الاصبع بينهما فرقا فيه بعض إشراق وهو أنّ اللفظة التي تكرر في البيت ولا تفيد معنى زائدا بل الثانية عين الاولى هي التكرار ، واللفظة التي يرددها الناظم في بيته تفيد معنى غير معنى الأولى هي الترديد. وعلى هذا التقدير صار للترديد بعض مزية يتميز بها على الكرار ويتحلى بشعارها وعلى هذا الطريق نظم أصحاب البديعيات هذا النوع أعني الترديد» (٦).
وذكروا نوعا من الطباق سمّوه «طباق الترديد» وهو
__________________
(١) تحرير التحبير ص ٢٥٣ ، بديع القرآن ص ٩٦.
(٢) تحرير ص ٢٥٣.
(٣) المائدة ٥١.
(٤) تحرير ص ٢٥٥.
(٥) نضرة الاغريض ص ١٢٣ ، المصباح ص ٧٦ ، حسن التوسل ص ٢٦٤ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٤١ ، جوهر الكنز ص ٢٦٠ ، الطراز ج ٣ ص ٨٢ ، عروس الافراح ج ٤ ص ٤٧٠ ، البرهان ج ٣ ص ٣٠١ ، معترك ج ١ ص ٣٩٧ شرح عقود الجمان ص ٧٣ ، أنوار الربيع ج ٣ ص ٣٥٩ ، نفحات الأزهار ص ١٤١ ، شرح الكافية ص ١٤٨.
(٦) خزانة الأدب ص ١٦٤ ، وينظر كلام المصري في تحرير التحبير ص ٢٥٤.