فقصارهنّ مع الهموم طويلة |
وطوالهنّ مع السرور قصار |
وكقول الأضبط :
قد يجمع المال غير آكله |
ويأكل المال غير من جمعه |
|
ويقطع الثوب غير لابسه |
ويلبس الثوب غير من قطعه |
ومنه قوله تعالى : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ)(١).
الثاني : عكس الحروف كقوله تعالى : (كُلٌّ فِي فَلَكٍ)(٢) ، وقول بعضهم :
أهديت شيئا يقلّ لو لا |
أحدوثه الفأل والتبرّك |
|
كرسي تفاءلت فيه لما |
رأيت مقلوبه يسرّك |
وكقول الآخر :
كيف السرور بإقبال وآخره |
إذا تأملته مقلوب إقبال |
قال ابن الاثير : «وهذا الضرب نادر الاستعمال لأنّه قلما تقع كلمة تقلب حروفها فيجيء معناها صوابا» (٣).
تجنيس المعنى :
قال المظفر العلوي : «هو أن يأتي الشاعر بألفاظ يدلّ بمعناها على الجناس وإن لم يذكره» (٤). كقول الشاعر في مدح المهلّب :
حدا بأبي أم الرئال فأجفلت |
نعامته من عارض يتلهّب |
يذكر فعل المهلب بقطريّ بن الفجاءة ، وكان قطريّ يلقب «أبا نعامة» فأراد أن يقول : حدا بأبي نعامة فاجفلت نعامته أي روحه فلم يستقم له فقال : «بأبي أم الرئال» وأم الرئال النعامة وهو جمع رأل.
وقال الحلبي والنويري : «هو أن تكون إحدى الكلمتين دالة على الجناس بمعناها دون لفظها.
وسبب استعمال هذا النوع أن يقصد الشاعر المجانسة لفظا ولا يوافقه الوزن على الاتيان باللفظ المجانس فيعدل الى مرادفه» (٥). ثم قالا : «وبعضهم لا يدخل هذا في باب التجنيس وإن كان في غاية الحسن والصعوبة».
وتحدث العلوي عن هذا النوع في «تجنيس الاشارة» (٦) ، وأفرد الحموي نوعا سماه «الجناس المعنوي» (٧) ، وهو «تجنيس المعنى» ، وقسّمه الى تجنيس إضمار وتجنيس إشارة وقال : «إنّ المعنوي طرفة من طرف الأدب عزيز الوجود جدا». وتابعه في ذلك السيوطي والمدني» (٨) وقسماه الى إضمار وإشارة ، وقد تقدم هذان النوعان.
التّجنيس المغاير :
قال ابن منقذ : «هو أن تكون الكلمتان اسما وفعلا» (٩). كقوله تعالى حكاية عن بلقيس :(وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ)(١٠).
وقوله : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ)(١١).
وقول ذي الرّمة :
__________________
(١) الروم ١٩.
(٢) الأنبياء ٣٣.
(٣) الجامع الكبير ص ٢٦٢.
(٤) نضرة الاغريض ص ٧٠.
(٥) حسن التوسل ص ١٩٧ ، نهاية الارب ج ٧ ص ٩٧.
(٦) الطراز ج ٢ ص ٣٧٢.
(٧) خزانة الأدب ص ٤١.
(٨) شرح عقود الجمان ص ١٤٧ ، أنوار الربيع ج ١ ص ٢٠٩ ، جنى الجناس ص ٢٧٧.
(٩) البديع في نقد الشعر ص ١٢.
(١٠) النمل ٤٤.
(١١) الروم ٤٣.