وكيف ينجح من نصف اسمه خابا وقلت في البانياس :
في البانياس إذا أوطئت ساحتها |
خوف وحيف واقلاس وافلاس (١) |
|
وكيف يطمع في أمن وفي دعة |
من حلّ في بلد نصف اسمه ياس |
واشتقاق المعنى من اللفظ مثل قول أبي العتاهية :
حلقت لحية موسى باسمه |
وبهارون إذا ما قلبا |
وقال ابن دريد :
لو أوحي النحو الى نفطويه |
ما كان هذا النحو يقرا عليه |
|
أحرقه الله بنصف اسمه |
وصيّر الباقي صراخا عليه (٢) |
ونقل الحموي هذا الكلام وقال : «وهذا النوع ما ذكره القاضي جلال الدين في التلخيص ولا في الايضاح ولا ذكره الشهاب محمود في حسن التوسل ولا نظمه العميان ولا غيرهم من أصحاب البديعيات غير الشيخ صفي الدين الحلي (٣)».
ونظمه المدني بعد ذلك فقال :
لم تبق بدر لهم بدرا وفي أحد |
لم يبق من أحد عند اشتقاقهم |
وذكر تعريف العسكري وبعض أمثلته (٤).
هذا هو الفن الذي سماه العسكري «المشتق» وسماه الحموي والمدني «الاشتقاق» غير أن الاشتقاق عند البلاغيين غير ذلك ، فهو المشتق عند البغدادي مثل قول خالد بن صفوان العبدي : «هشمتك هاشم وأمتك أمية وخزمتك مخزوم» (٥). وعند الوطواط : «أن يورد الكاتب أو الشاعر في نثره أو نظمه الفاظا متقاربة الحروف في النطق» (٦) وعند الرازي أن تجيء بألفاظ يجمعها أصل واحد في اللغة» (٧). كقوله تعالى : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ)(٨) ، وهو من التجنيس عند ابن الاثير (٩).
وعقد له ابن الزملكاني فصلا مستقلا عن التجنيس وقال : «الاشتقاق هو أن تأتي بألفاظ يجمعها أصل واحد ويكون معناه مشتركا كما أنّ حروفه الأصول مشتركة فتزيد على معنى الأصل تغاير اللفظتين بوجه» (١٠). كقوله تعالى : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ)(١١). وقال : «ومما يشبه المشتق وليس بمشتق قوله سبحانه وتعالى : (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ)(١٢) ، وان أصل كل واحد من الكلمتين غير أصل الأخرى فـ «جنى» من «جنى الشيء يجنيه» إذا قطعه و «الجنة» من «جنّة الله إذا ستره» (١٣).
وربط التنوخي بين هذا الاشتقاق واشتقاق أهل النحو وقال : «ومن البيان ما يستند الى الاشتقاق المعروف عند أهل النحو» (١٤).
وسماه بعضهم «الاقتضاب» (١٥) وقال ابن الجوزية : «هو من باب التجنيس وإن عدّ أصلا برأسه
__________________
(١) بانياس ؛ مرفأ في سورية جنوبي اللاذقية. القلس ؛ ما خرج من البطن الى الفم من الطعام أو الشراب ..
(٢) كتاب الصناعتين ص ٤٢٩.
(٣) خزانة ص ٣٦٨ ، وينظر المنزع البديع ص ٥٠٢ ، نفحات ص ٢٤٤ ، شرح الكافية ص ١٨٧.
(٤) أنوار الربيع ج ٥ ص ٢٧٦.
(٥) قانون البلاغة ص ٤٠٩.
(٦) حدائق السحر ص ١٠٣.
(٧) نهاية الايجاز ص ٣٠.
(٨) الروم ٤٣.
(٩) المثل السائر ج ٢ ص ٣٣٧ ، الجامع الكبير ص ١٩٨.
(١٠) التبيان ص ١٦٩.
(١١) الروم ٤٣.
(١٢) الرحمن ٥٤.
(١٣) التبيان ص ١٧٠.
(١٤) الأقصى القريب ص ٨٧.
(١٥) حدائق السحر ص ١٠٣.