شكرك» (١). وسماه «العكس والتبديل» أيضا (٢) ، وسماه مثل ذلك ابن شيث القرشي وقال : «العكس ، هو أن يؤتى بالكلام وعكسه وكلاهما مفيد» (٣).
وعدّه ابن الأثير القسم الرابع من المشبه بالتجنيس وسماه «المعكوس» وذلك أن تعكس الالفاظ والحروف. قال عن عكس الالفاظ : «وهذا الضّرب من التجنيس له حلاوة وعليه رونق ، وقد سمّاه قدامة بن جعفر الكاتب «التبديل» وذلك اسم مناسب لمسماه لأنّ مؤلف الكلام يأتي بما كان مقدما في جزء كلامه الأول مؤخرا في الثاني وربما كان مؤخرا في الأول مقدما في الثاني. ومثّله قدامة بقول بعضهم : «أشكر لمن أنعم عليك وأنعم على من شكرك» (٤).
وقال المصري إنّ هذه تسمية قدامة : «وقد جاء قدامة من التصدير بنوع آخر غير ما ذكرنا وسماه التبديل ، وهو أن يصيّر المتكلم الآخر من كلامه أولا وبالعكس كقولهم : «اشكر لمن أنعم عليك وأنعم على من شكرك» ولم أقف لهذا القسم على شاهد شعري فقلت :
اصبر على خلق من تعاشره |
واصحب صبورا على أذى خلقك |
ولم يفرد له قدامة بابا فاذكره في أبوابه» (٥).
وقال الحموي : «وقد جاء قدامة من التصدير بنوع آخر وسماه التبديل» (٦). وعقد له بابا سماه «العكس» وقال : «العكس في اللغة ردّ آخر الشيء على أوله ويقال له التبديل. وفي الاصطلاح تقديم لفظ من الكلام ثم تأخيره» (٧). وسماه كذلك السيوطي والمدني (٨) ، وأشارا الى مصطلح «التبديل» أيضا وذكرا أنواعه وهي :
الأول : أن يقع بين أحد طرفي جملة وما أضيف اليه نحو : «عادات السادات ، سادات العادات».
الثاني : أن يقع بين لفظين في طرفي جملتين اسميتين كقوله تعالى : (لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ)(٩). وقول المتنبي.
فلا مجد في الدنيا لمن قلّ ماله |
ولا مال في الدنيا لمن قلّ مجده |
الثالث : أن يقع بين متعلقي فعلين في جملتين كقوله تعالى : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ)(١٠). وقد يقع بين متعلقي اسمية وفعلية كقوله ـ عليهالسلام ـ : «لست من دد ولا دد مني». وقول الحماسي :
فردّ شعورهنّ السّود بيضا |
وردّ وجوههنّ البيض سودا |
وأدخله القزويني في المحسنات المعنوية وقال : «العكس والتبديل ، وهو أن يقدم في الكلام جزء ثم يؤخر» (١١) وذكر الوجوه الثلاثة السابقة ، وتبعه في ذلك شراح تلخيصه وغيرهم من المتأخرين (١٢).
وعقد المصري بابا مستقلا سماه «العكس والتبديل» وقال : هو أن يأتي الشاعر الى معنى لنفسه أو لغيره فيعكسه» (١٣). ومثال ما عكس الشاعر من
__________________
(١) قانون البلاغة ص ٤٠٩.
(٢) قانون البلاغة ص ٤٤٧.
(٣) معالم الكتابة ص ٨٣.
(٤) المثل السائر ج ١ ص ٢٦١.
(٥) تحرير التحبير ص ١١٨.
(٦) خزانة الأدب ص ١١٥.
(٧) خزانة ص ١٦٢.
(٨) معترك ج ١ ص ٤٠٥ ، الاتقان ج ٢ ص ٩٢ ، شرح عقود الجمان ص ١١١ ، أنوار الربيع ج ٣ ص ٣٣٧.
(٩) الممتحنة ١٠.
(١٠) الروم ١٩.
(١١) الايضاح ص ٣٥١ ، التلخيص ص ٣٥٨.
(١٢) شروح التلخيص ج ٤ ص ٣١٨ ، المطول ص ٤٢٤ ، الاطول ج ٢ ص ١٩٣ ، حسن التوسل ص ٢٦٨ نهاية الارب ج ٧ ص ١٤٤ ، البرهان ج ٣ ص ٤٦٧ ، خزانة ص ١٦٢ ، أنوار الربيع ج ٣ ص ٢٣٧ ، الروض المريع ص ١١٣.
(١٣) تحرير ص ٣١٨ ، بديع القرآن ص ١١١.