ولقد سما للخرميّ فلم يقل |
بعد الونى لكن تضايق مقدمي (١) |
ضمّن قول عنترة :
إذ يتّقون بي الأسنة لم أخم |
عنها ولكنّي تضايق مقدمي (٢) |
وليس هذا هو التسميط عند الآخرين بل هو التضمين الذي عرّفه ابن رشيق بقوله : «هو قصدك الى البيت من الشعر أو القسيم فتأتي به في آخر شعرك أو في وسطه كالتمثل» (٣).
وقسّمه ابن مالك كالمصري الى تسميط تبغيض وتسميط التقطيع وذكر أمثلته (٤).
وقال الحلبي والنويري : «هو أن يجعل المتكلم مقاطيع أجزاء البيت أو القرينة على سجع يخالف قافية البيت أو آخر القرينة» (٥). ومثلا له ببيت مروان : «هم القوم ...» وقال : «فان أجزاء البيت مسجعة على خلاف قافيته فتكون القافية بمنزلة السمط والأجزاء المسجعة بمنزلة حبّ العقد». وهذا هو تسميط التبغيض عند المصري وابن مالك.
ونقل ابن الاثير الحلبي تعريف المصري وبيت مروان (٦) ، وأوضح العلوي الفرق بينه وبين التسجيع بقوله : «اعلم أنّ من الناس من يعدّ هذا النوع من أنواع التسجيع والحق ما قاله الخليل بن احمد ـ رحمهالله تعالى ـ انّه مخالف لأنواع السجع ، وهو أن يؤتى بالبيت من الشعر على أربعة مقاطع فثلاثة منها على سجع واحد مع مراعاة القافية في الرابعة الى أن تنقضي القصيدة على هذه الصفة. واشتقاقه من قولهم :
عقد مسمّط إذا روعي فيه هذه الحال» (٧). ومن أمثلته قول جنوب الهذلية :
وحرب وردت وثغر سددت |
وعلج شددت عليه الحبالا |
|
ومال حويت وخيل حميت |
وضيف قريت يخاف الوكالا |
وقال ابن قيم الجوزية إنّه على قسمين (٨).
الأول : أن يكون في صدر الكلام أو الرسالة أو البيت أبيات مشطورة أو منهوكة مقفاة ثم يجمعها قافية مخالفة لازمة للقصيدة حتى تنقضي أو رسالة حتى تنتهي فتصير كالسمط الذي احتوى على جواهر متشاكلة. ومنه قوله تعالى : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ. وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ)(٩) الى قوله : (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) (التكوير ١٤). وقوله : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ. وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ. وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ)(١٠). وقوله : (الرَّحْمنُ. عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسانَ. عَلَّمَهُ الْبَيانَ. الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ. وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ)(١١).
وقول امرئ القيس :
ومستلئم كشّفت بالرمح ذيله |
أقمت بعضب ذي شقاشق ميله |
|
فجعت به في ملتقى الحرب خيله |
تركت عتاق الطير يحجلن حوله |
|
كأنّ على سرباله نضح جريال |
الثاني : أن يصير كل بيت أربعة أقسام كقول
__________________
(١) لم يرد البيت في ديوان الأخطل. الونى : التعب والفتور.
(٢) نضرة الاغريض ص ١٩٠. يتقون بي الأسنة :
يجعلونها بينهم وبينها. لم أخم : لم أنكل ولم أضعف.
(٣) العمدة ج ٢ ص ٨٤.
(٤) المصباح ص ٧٩.
(٥) حسن التوسل ص ٢٧٢ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٤٧.
(٦) جوهر الكنز ص ٢٥٢.
(٧) الطراز ج ٣ ص ٩٧.
(٨) الفوائد ص ٢٣٠.
(٩) التكوير ١ ـ ٢.
(١٠) التكوير ١٥ ـ ١٨.
(١١) الرحمن ١ ـ ٦.