الرابع (١) ، وقسّمه الى ثلاثة أقسام :
الأول : ما يوافق آخر كلمة فيه آخر كلمة في نصفه الأول ، كقول الشاعر :
تلقى إذا ما الأمر كان عرمرما |
في جيش رأي لا يفلّ عرمرم |
الثاني : ما يوافق آخر كلمة منه أول كلمة في نصفه الأول كقول الشاعر :
سريع الى ابن العمّ يلطم خدّه |
وليس الى داعي النّدى بسريع |
الثالث : ما يوافق آخر كلمة فيه بعض ما فيه كقول الشاعر :
عميد بني سليم أقصدته |
سهام الموت وهي له سهام |
ولم يسمّ ابن المعتز هذه الأقسام ولكنّ المصري قال : «والذي يحسن أن نسمي القسم الأول تصدير التقفية ، والثاني تصدير الطرفين ، والثالث تصدير الحشو» (٢).
وسمّاه الأصمعي التصدير فقال : «من حسن التصدير قول عامر بن الطفيل :
فكنت سناما في فزارة تامكا |
وفي كلّ حي ذروة وسنام (٣) |
وسمّاه الحاتمي التصدير أيضا وقال : «هو أن يبدأ الشاعر بكلمة في البيت في أوله أو في عجزه أو في النصف منه ثم يرددها في النصف الأخير فاذا نظم الشعر على هذه الصنعة تهيأ استخراج قوافيه وقبل أن يطرق أسماع مستمعيه ، وهو الشعر الجيد (٤). وتبعه في التسمية ابن رشيق الذي ذكر أقسام ابن المعتز وقال إنّه : «قريب من الترديد ، والفرق بينهما أنّ التصدير مخصوص بالقوافي تردّ على الصدور فلا تجد تصديرا إلا كذلك حيث وقع من كتب المؤلفين وإن لم يذكروا فيه فرقا والترديد يقع في أضعاف البيت إلا ما ناسب قول ابن العميد المقدم» (٥) ، وهو :
فإن كان مسخوطا فقل شعر كاتب |
وإن كان مرضيّا فقل شعر كاتب |
وقال : «وهو داخل ـ عندي ـ في باب الترديد إذ كان قوله عند السّخط «شعر كاتب» إنما معناه التقصير به وبسط العذر له إذ ليس الشعر من صناعته كما حكى ابن النحاس أنّهم يقولون «نحو كتابي» إذا لم يكن مجودا ، وقوله عند الرضى «شعر كاتب» إنما معناه التعظيم له وبلوغ النهاية في الظرف والملاحة لمعرفة الكتاب باختيار الالفاظ وطرق البلاغات فقد ضادّ وطابق في المعنى وإن كان اللفظ تجنيسا مرددا» (٦).
وسمّاه ابن منقذ «ترديدا» و «تصديرا» قال : «باب الترديد ويسمّى التصدير ، اعلم أنّ الترديد هو ردّ أعجاز البيوت على صدورها أو ترد كلمة من النصف الأول في النصف الثاني» (٧).
ومن التصدير نوع سماه عبد الكريم النهشلي المضادة كقول الفرزدق :
أصدر همومك لا يغلبك واردها |
فكلّ واردة يوما لها صدر (٨) |
وقال المصري عن ردّ الأعجاز على الصدور : «وهو الذي سمّاه المتأخرون التصدير» (٩) ، وذكر أقسام ابن المعتز ووضع لها أسماء ثم ذكر قسما رابعا ذهب عنه ابن المعتز وهو يأتي فيما الكلام فيه منفي ، واعتراض فيه إضراب عن أوله كقول أبي العطاء السّندي :
__________________
(١) البديع ص ٤٧.
(٢) تحرير التحبير ص ١١٧.
(٣) نضرة الإغريض ص ١٠٤.
(٤) حلية المحاضرة ج ١ ص ١٦٢.
(٥) العمدة ج ٢ ص ٣.
(٦) العمدة ج ١ ص ٣٣٥.
(٧) البديع في نقد الشعر ص ٥١.
(٨) العمدة ج ٢ ص ٤.
(٩) تحرير التحبير ص ١١٦ ، بديع القرآن ص ٣٦.