في الحلي» (١).
ولا يخرج كلام التبريزي والبغدادي وابن منقذ وابن الزملكاني وابن مالك وابن الأثير الحلبي والحموي والسيوطي والمدني عن ذلك (٢).
وقال الرازي : «هو أن تكون الالفاظ مستوية الأوزان متفقة الأعجاز» (٣) ونقل السكاكي وابن قيم الجوزية والحلبي والنويري هذا التعريف (٤).
وقال ابن الاثير : «هو أن تكون كل لفظة من ألفاظ الفصل الأول مساوية لكل لفظة من ألفاظ الفصل الثاني في الوزن والقافية» (٥). ونفى أن يكون هذا الفن في كتاب الله العزيز لما فيه من زيادة في التكلف ، وقال إنّه قليل في الشعر ، واذا جيء به فيه لم يكن عليه محض الطلاوة التي تكون اذا جيء به في الكلام المنثور. ومن ذلك قول بعضهم :
فمكارم أوليتها متبرّعا |
وجرائم ألغيتها متورّعا |
فـ «مكارم» بازاء «جرائم» و «أوليتها» بازاء «الغيتها» و «متبرعا» بازاء «متورعا».
ولكنّ السابقين كابن منقذ والرازي والسكاكي ذكروا له أمثلة من القرآن الكريم كقوله تعالى :(وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ)(٦) ، وقوله : (إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ)(٧) ، وقوله :(وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ. وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)(٨) ، وقوله : (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ. وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ)(٩). وعلق ابن الاثير على الآية الأخيرة بقوله «فأما قول من ذهب الى أنّ في كتاب الله منه شيئا ومثله بقوله : إنّ الأبرار ...» فليس الأمر كما وقع له فان لفظة «لفي» قد وردت في الفقرتين معا ، وهذا يخالف شرط الترصيع الذي شرطناه لكنه قريب منه» (١٠).
وقال المصري : «الترصيع كالتسجيع في كونه يجزّىء البيت إما ثلاثة أجزاء إن كان سداسيا ، أو أربعة إن كان ثمانيا وسجع على ثاني العروضين دون الأول ، وأكثر ما يقع الجزءان المسجع والمهمل في الترصيع مدمجين إلا أنّ أسجاع التسجيع على قافية البيت. والفرق بينه وبين التسميط المسمى تسميط التبعيض ، أنّ المسجع من قسمي التسميط معا هي أجزاء عروضية والمسجع من الترصيع أجزاء غير عروضية لوقوع السجع في بعض الأجزاء» (١١).
وذكر أبيات أبي صخر التي ذكرها قدامة (١٢) وهي :
وتلك هيكلة خود مبتّلة |
صفراء رعبلة في منصب سنم |
|
عذب مقّبلها خدل مخلخلها |
كالدعص أسفلها مخضوبة القدم |
|
سود ذوائبها بيض ترائبها |
محض ضرائبها صيغت على الكرم |
__________________
(١) سر الفصاحة ص ٢٢٣.
(٢) الوافي ص ٢٧٦ ، قانون البلاغة ص ٤٤٦ ، البديع في نقد الشعر ص ١١٦ ، التبيان ص ١٦٩ ، المصباح ص ٧٨ ، جوهر الكنز ص ٢٥٤ ، خزانة ص ٤٢٢ ، معترك ج ١ ص ٤١٥ ، أنوار الربيع ج ٦ ص ١٦٢ ، نفحات ص ١٦٨.
(٣) نهاية الايجاز ص ٣٥ ، وينظر الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ٩.
(٤) مفتاح العلوم ص ٢٠٣ ، الفوائد ص ٢٢٩ ، حسن التوسل ص ٢٠٧ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٠٤.
(٥) المثل ج ١ ص ٢٦٤ ، الجامع ص ٢٦٣.
(٦) البقرة ٢٦٧.
(٧) الغاشية ٢٥ ـ ٢٦.
(٨) الصافات ١١٧ ـ ١١٨.
(٩) الانفطار ١٣ ـ ١٤.
(١٠) المثل ج ١ ص ٢٦٤ ، وينظر الطراز ج ٢ ص ٣٧٣ ، الروض المريع ص ١٦٨ ، التبيان في البيان ص ٤١٩ ، شرح الكافية ص ١٩٠.
(١١) تحرير التحبير ص ٣٠٢.
(١٢) نقد الشعر ص ٤٧.