ذو الرّمة» (١).
وأداره الجاحظ كثيرا في كتبه وقال في موازنته بين قول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ «الناس كلهم سواء كأسنان المشط» ، وقول الشاعر :
سواء كأسنان الحمار فلا ترى |
لذي شيبة منهم على ناشىء فضلا |
«وإذا حصّلت تشبيه الشاعر وحقيقته وتشبيه النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وحقيقته ، عرفت فضل ما بين الكلامين» (٢).
وترددت كلمة «التشبيه» عنده من غير أن يحدده أو يقسمه ، وشأنها في ذلك شأن المصطلحات الأخرى التي ذكرها ، ولعل المبرد كان من أوائل الذين فتحوا باب دراسة هذا الفن ، قال : «واعلم أنّ للتشبيه حدا فالاشياء تتشابه من وجوه وتتباين من وجوه ، وإنّما ينظر الى التشبيه من حيث وقع» (٣).
وقال قدامة : «إنّ الشيء لا يشبه بنفسه لا بغيره من كل الجهات إذ كان الشيئان إذا تشابها من جميع الوجوه ولم يقع بينهما تغير البتة اتحدا فصار الاثنان واحدا ، فبقي أن يكون التشبيه إنّما يقع بين شيئين بينهما اشتراك في معان تعمهما وتوصفان بها وافتراق في أشياء ينفرد كل واحد منهما عن صاحبه بصفتها.
واذا كان الأمر كذلك ، فأحسن التشبيه هو ما وقع بين الشيئين اشتراكهما في الصفات أكثر من انفرادهما في الصفات أكثر من انفرادهما فيها حتى يدني بهما الى حال الاتحاد» (٤).
وقال الرّمّاني : «التشبيه هو العقد على أنّ أحد الشيئين يسدّ مسدّ الآخر في حس أو عقل ، ولا يخلو التشبيه من أن يكون في القول أو في النفس» (٥).
وقال العسكري : «التشبيه : الوصف بأنّ أحد الموصوفين ينوب مناب الآخر بأداة التشبيه» (٦).
ونقل الباقلّاني تعريف الرّمّاني وقال : «وأما التشبيه فهو العقد على أنّ أحد الشيئين يسدّ مسدّ الآخر في حسّ أو عقل» (٧). وقال ابن رشيق : «التشبيه صفة الشيء بما قاربه وشاكله من جهة واحدة أو جهات كثيرة لا من جميع جهاته ؛ لأنّه لو ناسبه مناسبة كلية لكان إياه» (٨).
وقال السّكّاكي : «إنّ التشبيه مستدع طرفين مشبها ومشبها به ، واشتراكا بينهما من وجه وافتراقا من آخر» (٩). ونقل ابن مالك هذا التعريف (١٠) ، وقال ابن الاثير : «التشبيه هو أن يثبت للمشبه حكما من أحكام المشبه به» (١١).
وقال المصري : «التشبيه عبارة عن العقد على أنّ أحد الشيئين يسدّ مسدّ الآخر في حال أو عقد. هكذا حدّ الرماني ، وهذا هو التشبيه العام الذي يدخل تحته التشبيه البليغ وغيره. وحدّ التشبيه البليغ إخراج الأغمض الى الأظهر بالتشبيه مع حسن التأليف» (١٢).
وقال ابن الأثير الحلبي : «حدّ التشبيه أن تثبت للمشبه حكما من أحكام المشبه به قصدا للمبالغة» (١٣). وقال القزويني : «التشبيه الدّلالة على مشاركة أمر لآخر في معنى» (١٤).
وقال العلوي بعد أن ذكر تعريفي المطرزي
__________________
(١) طبقات فحول الشعراء ج ١ ص ٥٥.
(٢) البيان ج ٢ ص ١٩.
(٣) الكامل ج ٢ ص ٧٦٦.
(٤) نقد الشعر ص ١٢٢.
(٥) النكت في اعجاز القرآن ص ٧٤.
(٦) كتاب الصناعتين ص ٢٣٩.
(٧) إعجاز القرآن ص ٣٩٩.
(٨) العمدة ج ١ ص ٢٨٦.
(٩) مفتاح العلوم ص ١٥٧.
(١٠) المصباح ص ٥١.
(١١) المثل السائر ج ١ ص ٣٨٨ ، الجامع الكبير ص ٩٠ ، كفاية الطالب ص ١٦٠ ، ١٦٤ ، التبيان في البيان ص ١٤٣ ، شرح الكافية ص ١٨٤.
(١٢) تحرير التحبير ص ١٥٩ ، بديع القرآن ص ٥٨.
(١٣) جوهر الكنز ص ٦٠.
(١٤) الايضاح ص ٢١٣ ، التلخيص ص ٢٣٨.