وهو في المعاني ضد التجنيس في اللفظ» (١) ، ورأى أنّ الاليق من حيث المعنى ان يسمى «المقابلة» وكان ابن سنان قد آثر تسميته «المطابق» (٢).
وقال المصري إنّ المطابقة ضربان : ضرب يأتي بالفاظ الحقيقة ، وضرب يأتي بألفاظ المجاز. فما كان منه بلفظ الحقيقة سمي طباقا ، وما كان بلفظ المجاز سمي تكافؤا ، ومثاله.
حلو الشمائل وهو مرّ باسل |
يحمي الذمار صبيحة الإرهاق |
فقوله : «حلو» و «مر» يجري مجرى الاستعارة إذ ليس في الانسان ولا في شمائله ما يذاق بحاسة الذوق» (٣).
وأدخل السّكّاكي والقزويني وشرّاح التلخيص المطابقة في المحسنات المعنوية (٤) واصبحت من فنون البديع.
والجمع بين المتضادين يكون باسمين أو فعلين أو حرفين ، أي لا يصح أن يضم الاسم الى الفعل أو الفعل الى الاسم (٥). والجمع بين الاسمين كقوله تعالى :(وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ)(٦) ، ومنه قول الفرزدق :
والشّيب ينهض في الشباب كأنّه |
ليل يصيح بجانبيه نهار |
والجمع بين الفعلين كقوله تعالى : (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ)(٧) ، وقوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «إنكم لتكثرون عند الفزع وتقلّون عند الطمع» ، وقول أبي صخر الهذلي :
أما والذي أبكى وأضحك والذي |
أمات وأحيا والذي أمره الأمر |
والجمع بين الحرفين كقوله تعالى : (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ)(٨) وقول الشاعر :
على أنني راض بأن أحمل الهوى |
وأخلص منه لا عليّ ولا ليا |
وللطباق نوعان كما ذكر المصري :
الأول : الطباق الحقيقي وهو ما كان بألفاظ الحقيقة سواء كان من اسمين أو فعلين أو حرفين كقوله تعالى : (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ)(٩) ، وقوله : (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ)(١٠) ، وقوله : (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى. وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا)(١١).
الثاني : الطباق المجازي : وهو ما كان بألفاظ المجاز ، ويرى المدني أن يشترط فيه أن يكون المعنيان المجازيان متقابلين أيضا وإلا دخل فيه إيهام الطباق (١٢). ومن ذلك قوله تعالى : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ)(١٣) أي : ضالا فهديناه ، فالموت والاحياء متقابل معناهما المجازيان ، وهما الضلال والهدى.
ومنه قول التهامي :
لقد أحيا المكارم بعد موت |
وشاد بناءها بعد انهدام |
وهذا هو الطباق اللفظي ، أمّا الطباق المعنوي فهو مقابلة الشيء بضده في المعنى لا في اللفظ كقوله
__________________
(١) المثل السائر ج ٢ ص ٢٧٩ ، الجامع الكبير ص ٢١١.
(٢) سر الفصاحة ص ٢٣٤.
(٣) تحرير التحبير ص ١١١ ، بديع القرآن ص ٣١.
(٤) مفتاح العلوم ص ٢٠٠ ، المصباح ص ٨٧ ، الايضاح ص ٣٣٤ ، التلخيص ص ٣٤٨ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٢٨٦ ، المطول ص ٤١٧ ، الاطول ج ٢ ص ١٨٢.
(٥) الفوائد ص ١٤٥.
(٦) الكهف ١٨.
(٧) آل عمران ٢٦.
(٨) البقرة ٢٨٦.
(٩) الكهف ١٨.
(١٠) فاطر ١٩ ـ ٢١.
(١١) النجم ٤٣ ـ ٤٤.
(١٢) أنوار الربيع ج ٢ ص ٣٧.
(١٣) الانعام ١٢٢.