أحمد بن أبي طاهر :
إذا أبو قاسم جادت لنا يده |
لم يحمد الأجودان : البحر |
|
والمطر |
وإن أضاءت لنا أنوار غرّته |
|
تضاءل الأنوران : الشمس والقمر |
وإن مضى رأيه أو حدّ عزمته |
|
تأخّر الماضيان : السيف والقدر |
من لم يكن حذرا من حدّ صولته |
|
لم يدر ما المزعجان : الخوف والحذر |
وقول أبي تمام :
أعوام وصل كاد ينسي طولها |
ذكر النّوى فكأنّها أيّام |
|
ثم انبرت أيام هجر أردفت |
نجوى أسى فكأنّها أعوام |
|
ثم انقضت تلك السنون وأهلها |
فكأنّهم وكأنّها أحلام |
وذكر ابن منقذ تعريف العسكري وأمثلته وأضاف اليها (١).
والتطريز عند المصري غير هذا ، قال : «هو أن يبتدئ المتكلم أو الشاعر بذكر جمل من الذوات غير مفصّلة ثم يخبر عنها بصفة واحدة من الصفات مكررة بحسب العدد الذي قدّره في تلك الجملة الأولى فتكون الذوات في كل جملة متعددة تقديرا والجمل متعددة لفظا والصفة الواحدة المخبر بها عن تلك الذوات متعددة لفظا وعدد الجمل التي وصفت بها الذوات لا عدد الذوات عدد تكرار واتحاد لا تعداد تغاير» (٢) كقول ابن الرومي :
أموركم بني خاقان عندي |
عجاب في عجاب في عجاب |
|
قرون في رؤوس في وجوه |
صلاب في صلاب في صلاب |
وقول الآخر :
فثوبي والمدام ولون خدّي |
شقيق في شقيق في شقيق |
وهذا النوع من مبتدعات المصري ، أما التطريز الذي ذكره العسكري فهو التوشيع عنده (٣) ، وتبعه ابن مالك فقال : زهو أن يشتمل الصدر على ثلاثة أسماء مخبر عنه ويتعلق به ويشتمل العجز على الخبر مقيدا بمثله مرتين» (٤) وتبعه كذلك الحلبي والنويري والعلوي والسبكي والحموي والسيوطي (٥).
وعاد ابن قيم الجوزية الى المعنى الأول للتطريز فقال : «هو أن تأتي قبل القافية بسجعات متتالية فيبقى في الأبيات أواخر الكلام كالطراز في الثوب» (٦) ، ومثّل له بقول الشاعر :
أمسي وأصبح من هجرانكم دنفا |
يرثي لي المشفقان : الأهل والولد |
|
قد خدّد الدمع خدّي من تذكركم |
وهدّني المضنيان : الشوق والكمد |
|
كأنّما مهجتي شلو بمسبعة |
ينتابها الضاريان : الذئب والأسد |
|
لم يبق غير خفيّ الروح من جسدي |
فدى لك الفانيان : الروح والجسد |
|
إنّي لأحسد في العشاق مصطبرا |
وحسبك القاتلان : الحبّ والحسد |
ثم قال ابن قيم الجوزية : «هذا النوع استخرجه
__________________
(١) البديع في نقد الشعر ص ٦٤.
(٢) تحرير التحبير ص ٣١٤.
(٣) تحرير ص ٣١٦.
(٤) المصباح ص ٨١.
(٥) حسن التوسل ص ٢٧٣ ، نهاية الأرب ج ٧ ص ١٤٨ ، الطراز ج ٣ ص ٩١ ، عروس الأفراح ج ٤ ص ٤٧١ ، خزانة الادب ص ٣٧٥ ، شرح عقود الجمان ص ١٤٩.
(٦) الفوائد ص ٢٣٦.