الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ)(١) ، وقوله : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ)(٢) وقوله :(يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ)(٣) وقوله (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا)(٤).
أو أن تكونا متّفقتين خبرا وانشاء معنى لا لفظا كقوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً)(٥) ، عطف قوله : (قُولُوا) على قوله : (لا تَعْبُدُونَ) لأنّه بمعنى :لا تعبدوا.
الثالث ، أن يكون للجملة الأولى محلّ من الإعراب وقصد إشراك الجملة الثانية لها في الحكم الاعرابي ، وهذا كعطف المفرد على المفرد لأنّ الجملة لا يكون لها محل من الإعراب حتى تكون واقعة موقع المفرد.
وينبغي هنا أن تكون مناسبة بين الجملتين كقوله تعالى : (يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ)(٦) ، وقوله : (وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(٧) ، ولذلك عيب على أبي تمام :
لا والذي هو عالم أنّ النّوى |
صبر وأنّ أبا الحسين كريم |
إذ لا مناسبة بين كرم أبي الحسين ـ محمد بن الهيثم ـ ومرارة النوى ولا تعلق لأحدهما بالآخر.
ومن إشراك الجملة الثانية بالاولى في الحكم قول المتنبي :
وللسرّ مني موضع لا يناله |
نديم ولا يفضي اليه شراب |
فجملة «لا يناله نديم» صفة لـ «موضع» ولذلك جاز أن يعطف عليها جملة «ولا يفضي اليه شراب».
وذكر عبد القاهر لونا من الوصل (٨) وهو أن يؤتى بالجملة فلا تعطف على ما يليها ولكن تعطف على جملة بينها وبين هذه التي تعطف جملة أو جملتان مثال ذلك قول المتنبي :
تولّوا بغتة فكأنّ بينا |
تهيّبني ففاجأني اغتيالا |
|
فكان مسير عيسهم ذميلا |
وسير الدمع إثرهم انهمالا |
قوله : «فكان مسير عيسهم» معطوف على «تولوا بغتة» دون ما يليه من قوله : «ففاجأني» لأنّا إن عطفناه على هذا الذي يليه أفسدنا المعنى من حيث أنّه يدخل في معنى «كأن» وذلك يؤدي الى أن لا يكون «مسير عيسهم» حقيقة ويكون متوهما كما كان تهيب البين كذلك ، وهذا أصل كبير.
ويتصل بالفصل والوصل اقتران الجملة الحالية بالواو وعدم اقترانها ، وقد ألحقه البلاغيون بهذا المبحث وعقد له عبد القاهر والرازي والسكاكي والقزويني (٩) فصولا وألحقوه ببات الفصل والوصل.
ولم يتعرض البلاغيّون إلا للجمل حينما ترتبط أو تنفصل ، وإن كان عبد القاهر قد اتخذ من عطف المفردات سبيلا للحديث عن عطف الجمل (١٠).
ولعل السبكي كان من أحسن الذين تعرضوا لهذا المبحث (١١) ، وإن كان هذا المبحث اكثر التصاقا بالنحو.
__________________
(١) الانفطار ١٣ ـ ١٤.
(٢) الروم ١٩.
(٣) النساء ١٤٢.
(٤) الاعراف ٣١.
(٥) البقرة ٨٣.
(٦) سبأ ٢.
(٧) البقرة ٢٤٥.
(٨) دلائل الاعجاز ص ١٨٨.
(٩) دلائل الاعجاز ص ١٥٦ ، نهاية الايجاز ص ١٣٧ ، مفتاح العلوم ص ١٣١ ، الايضاح ص ١٦٥.
(١٠) دلائل الاعجاز ص ١٧١ وما بعدها.
(١١) عروس الافراح ج ٣ ص ١١٣ وما بعدها.