خصم داود ـ عليهالسلام ـ : (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ)(١). كناية بالنعجة عن المرأة. وقال امرؤ القيس :
وبيضة خدر لا يرام خباؤها |
تمتعت من لهو بها غير معجل |
كناية بالبيضة عن المرأة» (٢). وقال إنّ من الكناية اشتقاق الكنية لانك تكني عن الرجل بالابوة ، وذكر الأضرب الثلاثة التي ذكرها المبرّد.
وبدأ فن الكناية يأخذ طابعه العلمي بعد ذلك فقال عبد القاهر : «الكناية أن يريد المتكلّم اثبات معنى من المعاني فلا يذكره باللفظ الموضوع له في اللغة ولكن يجيء الى معنى هو تاليه وردفه في الوجود فيومىء به اليه ويجعله دليلا عليه» (٣).
وقال الرازي : اعلم أنّ اللفظة اذا اطلقت وكان الغرض الاصلي غير معناها فلا يخلو إما أن يكون معناها مقصودا أيضا ليكون دالا على ذلك الغرض الاصلي ، وإما أن لا يكون. فالأول الكناية ، والثاني المجاز» (٤).
وقال ابن الزملكاني : «هي أن تريد إثبات معنى فتترك اللفظ الموضوع له وتأتي بتاليه وجودا لتومىء به اليه وتجعله شاهدا له ودليلا عليه» (٥).
وقال السّكّاكي : «هي ترك التصريح بذكر الشيء الى ذكر ما هو ملزومه لينتقل من المذكور الى المتروك» (٦).
وذكر ابن الأثير عدّة تعريفات ورجّح «أنّها كل لفظة دلت على معنى يجوز حمله على جانبي الحقيقة والمجاز بوصف جامع بين الحقيقة والمجاز» (٧).
وقال القزويني : «الكناية لفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادة معناه حينئذ» (٨).
وقال المصري : «هي أن يعبر المتكلم عن المعنى القبيح باللفظ الحسن وعن الفاحش بالطاهر» (٩).
وذكر العلوي عدّة تعريفات ثم قال : «فالمختار عندنا في بيان ماهية الكناية أن يقال هي اللفظ الدالّ على معنيين مختلفين حقيقة ومجازا من غير واسطة لا على جهة التصريح» (١٠).
وقال الزركشي : «الكناية عن الشيء : الدلالة عليه من غير تصريح باسمه ، وهي عند أهل البيان أن يريد المتكلّم إثبات معنى من المعاني فلا يذكره باللفظ الموضوع له من اللغة ولكن يجيء الى معنى هو تاليه ورديفه في الوجود ويجعله دليلا عليه فيدلّ على المراد من طريق أولى» (١١).
وفرّق الحموي بين الكناية والإرداف فقال عنها : «الكناية هي الإرداف بعينه عند علماء البيان ، وإنما علماء البديع أفردوا الإرداف عنها ، والكناية هي أن يريد المتكلّم إثبات معنى من المعاني فلا يذكره باللفظ الموضوع له في اللغة ولكن يجيء الى معنى هو ردفه في الوجود فيومىء اليه ويجعله دليلا عليه» (١٢). وقال في الإرداف : «نوع الإرداف قالوا :
__________________
(١) سورة ص ٢٣.
(٢) العمدة ج ١ ص ٣١٢.
(٣) دلائل الاعجاز ص ٥٢ ، وينظر الايضاح في شرح مقامات الحريري ص ٦ ، الروض المريع ص ١١٦.
(٤) نهاية الايجاز ص ١٠٢.
(٥) البرهان الكاشف ص ١٠٥ ، التبيان ص ٣٧.
(٦) مفتاح العلوم ص ١٨٩.
(٧) المثل السائر ج ٢ ص ١٩٤ ، الجامع الكبير ص ١٥٦.
(٨) الايضاح ص ٣١٨ ، التلخيص ص ٣٣٧ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٢٣٧ ، المطول ص ٤٠٧ ، الاطول ج ٢ ص ١٦٩ ، نفحات ص ١٦١ ، شرح الكافية ص ٢٠١.
(٩) تحرير التحبير ص ١٤٣ ، بديع القرآن ص ٥٣.
(١٠) الطراز ج ١ ص ٣٧٣.
(١١) البرهان في علوم القرآن ج ٢ ص ٣٠١.
(١٢) خزانة الادب ص ٣٥٩.