«التسهيم» ، وهو مأخوذ من الثوب المسهم ، وهو الذي يدل أحد سهامه على الآخر الذي قبله لكون لونه يقتضي أن يليه لون مخصوص به لمجاورة اللون الذي قبله. وكان ابن المقفع قد ذكره وإن لم يسمّه حينما قال : «وليكن في صدر كلامك دليل على حاجتك ، كما أنّ خير أبيات الشعر البيت الذي اذا سمعت صدره عرفت قافيته» (١). وعلّق الجاحظ عليه بقوله : «كأنه يقول : فرق بين صدر خطبة النكاح وبين صدر خطبة العيد وخطبة الصلح وخطبة التواهب حتى يكون لكل فن من ذلك صدر يدل على عجزه فانّه لا خير في كلام لا يدلّ على معناك ولا يشير الى مغزاك والى العمود الذي اليه قصدت والغرض الذي اليه نزعت».
وسماه قدامة التوشيح وقال : «هو أن يكون أول البيت شاهدا بقافيته ومعناها متعلقا به حتى أنّ الذي يعرف قافية القصيدة التي البيت منها إذا سمع أول البيت عرف آخره وبانت له قافيته» (٢). وفضّل العسكري أن يسمى التبيين وقال : «سمّي هذا النوع التوشيح ، وهذه التسمية غير لازمة بهذا المعنى ولو سمي تبيينا لكان أقرب. وهو أن يكون مبتدأ الكلام ينبئ عن مقطعه ، وأوله يخبر بآخره ، وصدره يشهد بعجزه حتى لو سمعت شعرا أو عرفت رواية ثم سمعت صدر بيت منه وقفت على عجزه قبل بلوغ السماع اليه. وخير الشعر ما تسابق صدره واعجازه ومعانيه وألفاظه» (٣).
ورأى ابن الأثير أنّ تسميته بالارصاد أولى ، وذلك حيث ناسب الاسم مسمّاه ولاق به ، أما التوشيح فنوع آخر من علم البيان» (٤). وسماه القزويني وشراح تلخيصه إرصادا وقال إنّه يسمى التسهيم أيضا (٥).
وذكر ابن رشيق تسمية قدامة وإن سماه تسهيما كما سماه علي بن هارون المنجم. قال الحاتمي : «قلت لعلي بن هارون المنجم : ما رأيت أعلم بصناعة الشعر منك في التسهيم ، فقال : وهذا لقب اخترعناه نحن. قلت : وما كيفيته؟ فأجابني بجواب لم يبرزه في عبارة يحكيها عن غيره : إنّ صفة الشعر المسهّم أن يسبق المستمع الى قوافيه قبل أن ينتهي اليها راوية منذ الشطر الأول قبل أن يخرج الى الشطر الأخير ومن قبل أن يسمعه» (٦). وسماه ابن وكيع المطمع (٧) ، وذكر ابن سنان ان بعضهم يسميه توشيحا (٨) ، وبعضهم يسميه تسهيما (٩) وسماه توشيحا المصري وابن مالك وابن الاثير الحلبي (١٠) ، والتوشيح عند ابن منقذ «هو أن تريد الشي فتعبر عنه عبارة حسنة وإن كانت أطول منه» (١١) كقول ابن المعتز :
آذريون أتاك في طبقه |
كالمسك في ريحه وفي عبقه |
__________________
(١) البيان والتبين ج ١ ص ١١٦.
(٢) نقد الشعر ص ١٩١.
(٣) كتاب الصناعتين ص ٣٨٢.
(٤) المثل السائر ج ٢ ص ٣٥٠.
(٥) الايضاح ص ٣٤٧ ، التلخيص ص ٣٥٦ ، شروح التلخيص ج ٤ ص ٣٠٥ ، المطول ص ٤٢٢ الاطول ج ٢ ص ١٩٠.
(٦) حلية المحاضرة ج ١ ص ١٥٢.
(٧) العمدة ج ٢ ص ٣١.
(٨) سر الفصاحة ص ١٨٧.
(٩) الوافي ص ٢٧١ ، قانون البلاغة ص ٤٤٣ ، البديع في نقد الشعر ص ١٢٧ ، الرسالة العسجدية ص ١٥٢ ، التبيان ص ١٨٣ ، تحرير التحبير ص ٢٦٣ ، بديع القرآن ص ١٠٠ ، منهاج البلغاء ص ٩٤ ، المصباح ص ٨٩ ، حسن التوسل ص ٢٦٦ ، بديع القرآن ص ١٠٠ ، منهاج البلغاء ص ٩٤ ، المصباح ص ٨٩ ، حسن التوسل ص ٢٦٦ ، نهاية الارب ج ٧ ص ١٤٢ ، جوهر الكنز ص ٢٤٨ ، الفوائد ص ٢٤٣ ، أنوار الربيع ج ٤ ص ٣٣٦ ، حلية اللب ص ١٣٤ ، التبيان في البيان ص ٣٢٦.
(١٠) تحرير ص ٢٢٨ ، بديع القرآن ص ٩٠ ، المصباح ص ٩١ ، جوهر الكنز ص ٢١٣.
(١١) البديع في نقد الشعر ص ٨٩.