لها بشر مثل الحرير ومنطق |
رخيم الحواشي لا هراء ولا نزر |
الثاني : أن يكونا عقليّين لا يدرك واحد منهما بالحسّ بل العقل كتشبيه العلم بالحياة والجهل بالموت والفقر بالكفر.
الثالث : تشبيه المعقول بالمحسوس كقوله تعالى :(مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ)(١). وقوله : (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ)(٢).
الرابع : تشبيه المحسوس بالمعقول ومنعه بعضهم لأنّ العقل مستفاد من الحسّ ، قال الرازي : «إنّه غير جائز لأنّ العلوم العقلية مستفادة من الحواس ومنتهية اليها ولذلك قيل : من «فقد حسّا فقد فقد علما». واذا كان المحسوس أصلا للمعقول فتشبيهه به يكون جعلا للفرع أصلا وللأصل فرعا وهو غير جائز ، ولذلك لو حاول محاول المبالغة في وصف الشمس بالظهور والمسك بالطيب فقال : «الشمس كالحجّة في الظهور» و «المسك كأخلاق فلان في الطيب» كان سخيفا من القول» (٣).
وأجازه بعضهم ، ومن أمثلته قول القاضي التنوخي :
وكأنّ النجوم بين دجاها |
سنن لاح بينهنّ ابتداع |
وقول أبي طالب الرقي :
ولقد ذكرتك والظلام كأنّه |
يوم النوى وفؤاد من لم يعشق |
وقول الآخر :
ربّ ليل كأنّه أملي في |
ك وقد رحت عنك بالحرمان |
وعلّل الرازي حسن هذه التشبيهات بقوله : «واعلم أنّ الوجه الحسن في هذه التشبيهات أن يقدر المعقول محسوسا ويجعل كالأصل في ذلك المحسوس على طريق المبالغة وحينئذ يصحّ التشبيه» (٤).
أما أداة التشبيه فهي اللفظة التي تدل على المماثلة والمشاركة (٥) ، وهي ثلاثة أنواع :
الأول : أسماء وهي : مثل وشبه وشبيه ومثيل وغيرها ، ومثالها قوله تعالى : (مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ)(٦) ، وقوله :(مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً)(٧).
الثاني : أفعال وهي : حسب وخال وظنّ ويشبه وتشابه وغيرها ، ومثالها قوله تعالى : (يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً)(٨) ، وقوله : (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى)(٩).
الثالث : حروف وهي بسيطة كالكاف في قوله تعالى : (كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ)(١٠). أو مركبة وهي «كأنّ» ومثالها قوله تعالى : (طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ)(١١). وأما وجه الشبه فهو الوصف المشترك بين المشبه والمشبه به تحقيقا أو تخييلا فالتحقيقي كتشبيه الشعر بالليل في السواد والتخييلي كتشبيه السيرة بالمسك والاخلاق بالعنبر.
ووجه الشبه قد يكون واحدا حسيا كالنعومة في تشبيه البشر بالحرير ، أو واحدا عقليا كالهداية في قوله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم». أو متعددا كقول أبي بكر الخالدي :
__________________
(١) العنكبوت ٤١.
(٢) ابراهيم ١٨.
(٣) نهاية الايجاز ص ٥٩ ، وينظر البرهان في علوم القرآن ج ٣ ص ٤٢٠.
(٤) نهاية الايجاز ص ٦٠.
(٥) ينظر الجمان في تشبيهات القرآن ص ٤٣.
(٦) آل عمران ١١٧.
(٧) البقرة ١٧.
(٨) النور ٣٩.
(٩) طه ٦٦.
(١٠) إبراهيم ١٨.
(١١) الصافات ٦٥.