صهر المعادن الثمينة للصياغة ، ويرمون زبدها التافه الذي لا فائدة منه. أما أهل القرى والبوادي الساكنون في الأرياف فهم من أهل البساتين والزرع ويرون زبد السيل الجارف ويشاهدونه كلّ سنة بأمّ أعينهم ، والله أعلم بما قال وما عنى.
١٨ ـ (لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى) ... أي للّذين سمعوا دعوة ربّهم الحسنى وآمنوا بها وأجابوا داعيه ، لهم الحسنى (وَالَّذِينَ) ما أطاعوه ولا آمنوا به ولا أجابوا دعوته (لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) ثم يضاعف لهم أيضا معه (مِثْلَهُ) ثم جعلوا ذلك كلّه فدية عن أنفسهم من العذاب يوم القيامة لا يقبل منهم ، ولهم يومئذ (سُوءُ الْحِسابِ) أي أسوأه وأتعسه. وقد روي أنه لا يقبل لهم حسنة ولا يغفر لهم سيئة. وقيل يناقشون في حسابهم ، ومن نوقش في حسابه عذّب. كما أنه قيل : إنه سوء الجزاء ، ولهم أيضا (بِئْسَ الْمِهادُ) جمع مهد : وهو ما يفرش للنوم ، ومحلّ الراحة للطفل ولغيره مطلقا ، فمهادهم في الآخرة أسوأ مهاد في نار جهنم.
* * *
(أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (١٩) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ (٢٠) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ (٢١) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (٢٢) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ (٢٣) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (٢٤))