يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ (٤٢) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (٤٣))
٤٢ ـ (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) ... أي : اطمئنّ بألا يا محمد ، ولا تظننّ أن الله غير منتبه لما يفعله الكافرون من أذيّتك والوقوف في وجه دعوتك ، فإنه مطّلع على ما يعملون (إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ) يؤخّر عذابهم والانتقام لك منهم (لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ) أي ليوم تتفتّح فيه العيون واسعة دون أن تطرف ، بل يبقى منتصبة شاخصة تنظر في مصيرها إذ ترى أهوال ذلك اليوم الرهيب.
٤٣ ـ (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) ... أي أنك سوف تراهم مقبلين إلى دعوة الداعي إقبالا سريعا وبتمام الطاعة والانقياد ، مقنعي رؤوسهم ، رافعين رؤوسهم نحو السماء بحيث لا يرى الواحد مكان قدميه من شدّة رفع الرأس من فزع ذلك اليوم ـ نعوذ بالله تعالى منه ـ (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) أي أن قلوبهم خاوية وأجسامهم كأنّها بغير عقول تسيّرها فهم لا يدركون شيئا لفرط الدهشة والحيرة. والمراد أنهم يكونون حينئذ جبناء يظهر عليهم الذّل والفشل ، أو كأنهم غادرت قلوبهم أجسامهم وفارقتها عقولهم فهي خواء قد ضيّعتها الأهوال والمخاوف.
* * *
(وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ