صدق ألوهيّة ما ألّهتموه ، وعلى صحة ما تقولون من أن مع الله آلهة أخرى ، فإنه لا يصح القول بما لا دليل عليه ولا حجة. أما دليلي أنا ، وبرهاني على أنه ليس مع الله إله ، ف (هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ) أي هذا القرآن الذي فيه عظة أمّتي وفيه كل ما تحتاج إليه في معاشها ومعادها فإنه يدل على أنه منزل من لدن واحد أحد ، لأن فيه ذكر أمّتي (وَ) فيه (ذِكْرُ مَنْ قَبْلِي) أي أخبار كتب سائر الأمم السابقة ، وليس فيه ولا فيها أن مع الله إلها آخر ، بل فيها جميعها ما ينفي ذلك ويدحضه ، ولو كان في الألوهية شريك لأتت رسله وتوالت كتبه ، فما من شريك له جلّ وتعالى (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَ) لا يعرفونه ويجهلون الحق فلا يميّزون بينه وبين الباطل. والحقّ هنا توحيد الله ، والباطل هو الشّرك والعياذ بالله منه (فَهُمْ مُعْرِضُونَ) منصرفون عن الحق كلّه من التوحيد ومن كتاب الله والرسول وغير ذلك.
٢٥ ـ (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ) ... أي ما من رسول أرسلنا من قبلك (إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) ننزل عليه الوحي بالتوحيد والدعوة إليه ، وبعبادتي دون شرك.
* * *
(وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦) لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (٢٧) يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (٢٨) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٢٩))
٢٦ و ٢٧ ـ (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً) ... أولاء هم : قبيلة خزاعة الذين قالوا : إن الملائكة بنات الله ، واليهود الذين قالوا : عزير ابن الله ،