يسهّله عليهم ، والأمر إليه في كل حال.
وعن الباقر عليهالسلام ، أنه سئل أن يعقوب حين قال لأولاده : اذهبوا فتحسّسوا من يوسف ، أكان علم أنه حيّ وقد فارقه منذ عشرين سنة وذهب بصره من الحزن؟ قال : نعم ، علم أنه حي. قيل : وكيف علم؟ قال : إنه دعا في السّحر أن يهبط عليه ملك الموت ، فهبط عليه تربال ، وهو ملك الموت ، فقال له تربال : ما حاجتك يا يعقوب؟ قال : أخبرني عن الأرواح التي تقبضها مجتمعة أو متفرقة؟ فقال : بل متفرقة روحا روحا. قال : فمّر بك روح يوسف؟ قال : لا. فعند ذلك علم أنه حيّ فقال لولده اذهبوا فتحسّسوا إلخ ... فائتمروا بأمره عليهالسلام وسافروا إلى مصر بعد أن ألمح لهم بقوله : (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) فكأنه أو شك أن يزرع في نفوسهم الأمل.
٨٨ ـ (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ) ... لقد طوى سبحانه جملة أشياء ـ وهذا من بلاغة القرآن وإعجازه ـ فلم يذكر أن أولاد يعقوب امتثلوا أمر أبيهم ، وسافروا ، ووصلوا إلى مصر ، بل قال تبارك وتعالى : فلمّا دخلوا على يوسف قالوا له : يا أيّها العزيز ـ وهو لقب لحاكم مصر ـ أي المنيع الجانب : قد مسّنا : أي أصابنا وأصاب أهلنا الضّر أي سوء الحال والشّدة (وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ) سلع للبيع (مُزْجاةٍ) أي قليلة الاعتبار ، واللفظة مشتقة من الإزجاء بمعنى السّوق والدفع ومنه قوله تعالى : تزجي سحابا. ومعناها هنا : بضاعة في غاية الرّداءة لا يقبلها أحد في حال دفعها إليه بل يردّها حالا. وعن ابن عباس أن بضاعتهم كانت دراهم مغشوشة. وعن الإمام الرضا عليهالسلام أنها كانت من المقل وكانت بلادهم بلاد المقل. فقالوا عنها إنها بضاعة ليست بذات قيمة (فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ) بأن تعطينا حاجة عيالنا الكثيرة ، واقبلها منّا (وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا) بإطلاق سراح أخينا رحمة بأبيه وبنا (إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) أي يثيبهم على إحسانهم. فرقّ يوسف لحالهم لمّا خاطبوه بهذه اللهجة المؤثّرة ولم يتمالك من أن لا يعرّفهم بنفسه إشفاقا على ضعف موقفهم ، فقال : يا إخواني :