١٣٠ ـ (فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) ... أي اصبر على تكذيبهم إيّاك واشتغل بتنزيه ربّك وتقديسه في هذه الأوقات وسلّم الأمر إليه سبحانه. وقد أراد المداومة على التسبيح والتحميد (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها ، وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ) أي في هذه الأوقات لآثار لها خاصة لا توجد في غيرها ، ولشرافة التسبيح والتحميد حينئذ (لَعَلَّكَ تَرْضى) أي بأمل أن ترضى بما يعطيك ربّك في الدارين من النّصر في الدنيا والفوز بنعيم الآخرة.
١٣١ ـ (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ) ... نهى الله تعالى نبيّه صلىاللهعليهوآله عن مدّ بصره والتطلّع إلى ما استمتع به القوم الكافرون من نعم الدّنيا. ومدّ العينين هنا كناية عن الأسف ، أي لا تأسف على ما يفوتك ممّا ينالونه من حظّ الدنيا ، وليس تحديق النظر إلى ما هم فيه متمتّعون. و (الأزواج) هنا هي أصناف الكفار الذين يتمتعون بغضارة الدنيا (زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) أي زينتها وبهجتها ، فذلك (لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) لنختبرهم ونعذّبهم بسببه في الآخرة فلا تأسف عليه (وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى) وما أعطاك ربّك من نعم هي أدوم لك.
١٣٢ ـ (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها) ... يمكن أن يكون تخصصه صلىاللهعليهوآله من باب : إياك أعني ، فأمره بذلك ليأتمر غيره به أيضا. كما يمكن أن يكون أهل بيته صلوات الله عليهم أولى بالتكاليف كما في قوله تعالى : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) ، لشرافتهم ولإكرامهم بهذه الفضيلة من التقديم على غيرهم ، أي الأمر الخاص بأهم الواجبات الدينية ، الصلاة التي هي عمود الدّين وركنه الركين ، مع أن أهله داخلون في عموم قوله : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ). وعن أبي جعفر الباقر عليهالسلام أنه قال : أمر الله نبيّه صلىاللهعليهوآله أن يخصّ أهله دون الناس ، ليعلم الناس أن لأهله عند الله منزلة ليست للناس. فأمرهم مع الناس عامة ، ثم أمرهم خاصة. فأمرهم بالصلاة يا محمد (وَاصْطَبِرْ عَلَيْها) أي حافظ