فضل العبوديّة له عزوجل وتفسير كلمة «عبد» في أول سورة الإسراء ـ وشمل الحمد أنه تعالى (لَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً) أي لم يجعل في القرآن الكريم اختلالا في ألفاظه ، ولا تناقضا في معانيه ، بل كان به اعتدال واستقامة تامّان من جميع الحيثيّات وكافّة الوجوه ، ثم جعله سبحانه :
٢ و ٣ و ٤ ـ (قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ) ... أي سوّاه على حد الاعتدال ، لا إفراط فيه ولا تفريط. وقد نصب : قيّما ، بفعل محذوف تقديره : جعله. وفي كتاب تأويلات الكاشي رحمهالله أن الضمير في (لَهُ) راجع إلى العبد ، فالعوج صفة منفيّة عنه صلىاللهعليهوآله ، وكذلك (قَيِّماً) فإنها صفة له (ص) والمعنى أنه تعالى لم يجعل عبده مائلا لغيره تعالى ، بل جعله معتدلا ومستقيما في جميع أحواله (لِيُنْذِرَ) يحذّر الكافرين (بَأْساً شَدِيداً) قوة وبطشا كعذاب الاستئصال والقتل ، يأتيهم (مِنْ لَدُنْهُ) من قبله تعالى حين يقضي بإهلاكهم لعنادهم وشدة كفرهم ، ول (يُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ) يخبرهم الخبر السارّ بنجاتهم وفوزهم في الدنيا وب (أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً) ثوابا جميلا جزيلا في الآخرة (ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً) مقيمين في النّعيم إلى أبد الأبد و (لِيُنْذِرَ) يحذّر (الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً) المشركين من اليهود والنصارى الذين قالوا بأن عزيرا والمسيح عليهماالسلام ابنان لله ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا ، إذ قالوا ذلك و :
٥ ـ (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ) ... أي ليس لهؤلاء القائلين بهذا القول الشنيع معرفة وإدراك ، كما لم يكن لآبائهم وأسلافهم الذين مضوا قبلهم وكانوا على مثل ما هم عليه اليوم ، وانما قالوا ذلك عن جهل وتقليد ، ومن غير حجة وبرهان صحيح.
٦ ـ (فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ) : أي قاتل نفسك (عَلى آثارِهِمْ) اي آثار قومك الذين قالوا لن نؤمن لك تمرّدا منهم على ربّهم (إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) متعلق بباخع نفسك. وهو اي الأسف الحزن المفرط والغضب الشديد كأنّهم إذ ولّوا عن الإيمان ، فارقوه فشبهه بمن فارقته أعزّته فهو